الصحراء: غانا تفتح الطريق أمام تحول تاريخي في إفريقيا الناطقة بالإنجليزية

أضيف بتاريخ 06/11/2025
منصة الجنوبية


هل تشهد إفريقيا الناطقة بالإنجليزية تحولاً دبلوماسياً رئيسياً فيما يتعلق بقضية الصحراء؟ يبدو أن التصريح الأخير لغانا، الذي أعلنت فيه مجدداً دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، يمثل بداية تأثير متسلسل قد يتجاوز حدود دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ليصل إلى دول الكومنولث بأكملها. هذا الموقف ليس بسيطاً، بل يأتي في سياق إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية والدولية، حيث تحقق الدبلوماسية المغربية مكاسب استراتيجية تُضعف موقف "البوليساريو" تدريجياً.

إن التحول الذي أظهرته غانا، من خلال تعليق علاقاتها مع "البوليساريو" واعتبار المقترح المغربي "الأساس الجاد والواقعي والموثوق الوحيد" لحل سياسي مستدام، ليس حدثاً منفرداً. إنه جزء من حركة أوسع، تجلت في مواقف مماثلة من كينيا ودول إفريقية ناطقة بالإنجليزية أخرى. هذا التوجه يعكس واقعية جديدة، حيث أصبحت الاستقرار الإقليمي والتعاون الاقتصادي والأمن الجماعي أولوية تفوق التضامنات الإيديولوجية الموروثة من الحرب الباردة.

هذا التحول الدبلوماسي هو أيضاً نتيجة عمل دؤوب قامت به الرباط، استثمرت خلاله في الشراكات الاقتصادية والاستثمارات في القارة ووجودها الدبلوماسي النشط. الأرقام واضحة: من بين 12 دولة في إيكواس، 11 لم تعد تعترف بـ"البوليساريو"، و9 دول افتتحت قنصليات في مدن الصحراء المغربية. وعلى المستوى الإفريقي، 13 دولة قامت بتعليق أو قطع علاقاتها مع الجبهة الانفصالية منذ عام 2000، ما يُظهر تراجعاً ملموساً في قضية الاستقلال.

هذا التحول التدريجي ليس بدون تداعيات على دبلوماسية "البوليساريو"، التي يشهد مجال نفوذها تضاؤلاً، حتى داخل الاتحاد الإفريقي حيث عاد النقاش حول تعليق عضويتها إلى الواجهة. الاتجاه واضح: خيار الحكم الذاتي المغربي، المدعوم بالمسار الأممي، بات يفرض نفسه كخيار مفضل لدى غالبية الدول الإفريقية المهتمة بالاستقرار والتنمية.

ومن المتوقع أن يتسارع تأثير هذا التحول، لا سيما داخل الكومنولث، حيث يمكن لغانا، بفضل قيادتها الإقليمية، أن تدفع دولاً أخرى لإعادة النظر في موقفها. في هذا السياق، لا يمثل دعم أكرا المتجدد انتصاراً دبلوماسياً للرباط فقط، بل هو إشارة على إعادة تشكيل عميقة للتحالفات الإفريقية، حيث تأخذ الواقعية السياسية والمصالح المشتركة مكان الانقسامات القديمة. لفهم أبعاد هذا التحول، يكفي الاطلاع على التحليل المفصل المنشور في موقع TelQuel، الذي يسلط الضوء على أبعاد هذه المعادلة الجيوسياسية الجديدة.