شهد المغرب مؤخرًا سلسلة من الهجمات السيبرانية التي استهدفت مؤسسات حكومية حساسة، وكان آخرها وزارة العدل، في تطور يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن السيبراني في البلاد. فقد أعلن مجموعة من القراصنة يُدعى "Jabaroot DZ" عبر منصات التواصل الاجتماعي مسؤوليتهم عن اختراق أنظمة الوزارة، مؤكدين حصولهم على بيانات حساسة تخص آلاف القضاة وموظفي القطاع القضائي، بما في ذلك معلومات شخصية مثل أرقام البطاقة الوطنية، وعناوين البريد الإلكتروني، وأرقام الهواتف، بالإضافة إلى وثائق رسمية تتعلق بالرواتب.
وقد نشر القراصنة عينات من هذه البيانات لإثبات صحة ادعاءاتهم، وهددوا بالكشف عن المزيد في حال لم تستجب السلطات لمطالبهم، التي برروها برغبتهم في "توعية الشعب المغربي" بمخاطر الفساد وسوء الإدارة، على حد تعبيرهم. في المقابل، سارعت وزارة العدل إلى نفي تعرضها لأي اختراق مباشر، موضحة أن البيانات المتعلقة بالقضاة تُدار من قبل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أعلن بدوره فتح تحقيق داخلي للتأكد من صحة المزاعم وتقييم حجم الضرر المحتمل.
هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، فقد سبقه استهداف منصات حكومية أخرى مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومنصة التوثيق الخاصة بالموثقين، ما يعكس تصاعد وتيرة الهجمات الإلكترونية ضد المؤسسات المغربية في الأشهر الأخيرة. ويثير تكرار هذه الحوادث تساؤلات جدية حول فعالية أنظمة الحماية الرقمية المعتمدة، ومدى جاهزية الإدارات العمومية للتعامل مع التهديدات السيبرانية المتزايدة.
وتكمن خطورة هذه الهجمات في إمكانية استغلال البيانات المسروقة للإضرار بسمعة المؤسسات أو ابتزاز المسؤولين أو حتى زعزعة ثقة المواطنين في الخدمات الرقمية الحكومية. وتدق هذه التطورات ناقوس الخطر حول ضرورة تعزيز ثقافة الأمن السيبراني، وتكثيف جهود التكوين والتأهيل، وتحديث البنية التحتية الرقمية بشكل عاجل، لضمان حماية المعطيات الشخصية والسيادية للمملكة.
في ظل هذا الوضع، يبرز ملف الأمن السيبراني كأولوية استراتيجية تستدعي تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من أجل بناء منظومة رقمية آمنة وموثوقة قادرة على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.