ألمانيا تعود بقوة إلى الساحة العسكرية: إصلاحات جذرية واستثمارات ضخمة في الجيش

أضيف بتاريخ 04/21/2025
منصة المَقالاتيّ


شهدت ألمانيا في الآونة الأخيرة تحولاً تاريخياً في سياستها الدفاعية، حيث أعلنت عن سلسلة من الإصلاحات الجذرية لتعزيز قدراتها العسكرية ومكانتها على الساحة الأوروبية. وجاء هذا التحول في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في القارة الأوروبية، وتزايد الشكوك حول التزام بعض الحلفاء التقليديين بدعم أمن أوروبا، ما دفع برلين إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الدفاعية.

من أبرز هذه الإصلاحات قرار الحكومة الألمانية بقيادة فريدريش ميرتس، المرشح الأوفر حظاً لمنصب المستشار، بتعديل القواعد المالية الصارمة المعروفة بـ"كبح الديون"، وذلك بهدف السماح بزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة. وتهدف هذه الخطوة إلى تخصيص مئات المليارات من اليوروهات لتحديث الجيش الألماني وتطوير بنيته التحتية وتجهيزه بأحدث المعدات العسكرية، استجابةً لمتطلبات المرحلة الجديدة من المنافسة بين القوى الكبرى، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وقد أشار ميرتس إلى أن هذا الاتفاق يعكس استعداد ألمانيا للدفاع عن نفسها وعن حلفائها، قائلاً: "ألمانيا عادت"5.

ولم تقتصر الإصلاحات على الجانب المالي فقط، بل شملت أيضاً خططاً لتوسيع حجم الجيش وزيادة عدد الجنود وتطوير منظومات التسليح، حيث تم الإعلان عن استثمارات ضخمة قد تصل إلى 600 مليار يورو خلال عشر سنوات إذا ما خصصت ألمانيا 3.5% من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي2. كما تم الاتفاق بين الأحزاب الرئيسية على إعفاء الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1% من الناتج المحلي من قيود الديون الدستورية، ما يتيح مرونة أكبر في تمويل مشاريع التسلح والتحديث3.

هذه التحولات جاءت في إطار ما يُعرف في ألمانيا بـ"تغيير الحقبة" أو "تسايتنفينده" (Zeitenwende)، وهو مصطلح يعكس إدراكاً جديداً بأن الأمن الأوروبي لم يعد مضموناً كما كان في العقود الماضية، وأن على ألمانيا تحمل مسؤولية أكبر في الدفاع عن القارة الأوروبية2. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الألمان يؤيدون تخفيف القيود المالية من أجل تعزيز قدرات الجيش، رغم وجود معارضة من بعض الأحزاب اليسارية والخضر3.

وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الألماني (البوندسفير) عانى لسنوات من نقص التمويل والمعدات، لكن التطورات الأخيرة فرضت واقعاً جديداً يتطلب استجابة سريعة وفعالة4. ومع تزايد التحديات الأمنية، أصبح شعار "مهما كلف الأمر" هو المبدأ الجديد للدفاع الألماني، في إشارة إلى التزام برلين باتخاذ كل ما يلزم لضمان أمنها وأمن أوروبا7.