اكتشاف ورشة تماثيل رخامية يونانية قديمة في جزيرة باروس يكشف أسرار فن النحت الهلنستي

أضيف بتاريخ 05/27/2025
منصة المَقالاتيّ


شهدت جزيرة باروس اليونانية، المعروفة عالميًا برخامها الأبيض الفاخر، اكتشافًا أثريًا مذهلًا تمثل في ورشة نحت رخامية تعود إلى العصر الهلنستي (القرن الثالث إلى الثاني قبل الميلاد). جاء هذا الاكتشاف ليسلّط الضوء على مراحل وأسرار صناعة التماثيل الرخامية التي شكّلت جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية اليونانية وأسهمت في نقل الإبداع الفني الإغريقي إلى العالم بأسره.

عُثر في الموقع على مجموعة من التماثيل غير المكتملة، من بينها تماثيل لآلهة الجمال "أفروديت"، إضافة إلى رؤوس طينية ومصبوبات وألوان وشتى الأدوات المستخدمة في النحت. كشفت هذه الكنوز عن تفاصيل دقيقة حول أساليب العمل في تلك الفترة، إذ كان النحاتون يبدأون عادةً بتصميم نموذج أولي من الطين قبل الانتقال إلى الرخام الفاخر، الذي اشتهرت به باروس بنقائه وحبوبه الناعمة ولمعانه الخاص.

تميّزت تماثيل أفروديت المكتشفة بروح العصر الهلنستي، إذ ظهرت فيها تفاصيل جسدية طبيعية ولمسات أنثوية رقيقة تعبر عن انتقال الفنانين الإغريق من النمط التقليدي الجامد إلى أساليب أكثر واقعية وحرية في التعبير. وكشفت الأدوات والمصبوبات عن تقسيم العمل داخل الورشة، حيث كان لكل نحات دور محدد ضمن عملية الإنتاج، بدءًا من المرحلة الأولية وحتى مرحلة النحت النهائية التي يتم فيها تنعيم التمثال وصقله باستخدام مساحيق خاصة، مثل حجر الإمري المستورد من جزيرة ناكسوس المجاورة.

المثير للاهتمام أيضًا هو وجود بقايا أصباغ وألوان في الورشة، ما يؤكد أن التماثيل الرخامية اليونانية لم تكن بيضاء كما تبدو لنا اليوم، بل كانت تكتسي ألوانًا زاهية تبرز تفاصيلها وتعكس رونقها الأصلي.

يعتبر هذا الاكتشاف إضافة ثمينة لفهمنا لتراث النحت الإغريقي، إذ لا يكشف فقط عن مهارات وتقنيات النحاتين القدماء، بل يسلط الضوء أيضًا على الجانب الحرفي والاجتماعي الذي كان يحيط بتلك الفنون، ويعيد إحياء قصص الفنانين الذين صنعوا من الرخام تحفًا خالدة تجاوزت حدود الزمن.