يمتد الصراع بين النظام الإسلامي في إيران وإسرائيل لعقود طويلة، حيث هدد الملالي مراراً بإبادة اليهود، بينما أكدت إسرائيل باستمرار أنها لن تسمح بإنتاج قنبلة نووية إيرانية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت تحديداً لشن هجومها؟
من وجهة النظر الإسرائيلية، جاء التوقيت لأن الضربة باتت حتمية، ولأن الظروف باتت مواتية. أولاً، تزايدت خطورة البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير. في 12 يونيو، اتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) إيران بانتهاك التزاماتها بمنع الانتشار النووي، كما أعلن طهران عن بناء منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم. يؤكد الخبراء أن إيران باتت قادرة على امتلاك سلاح نووي خلال بضعة أشهر. وتعتقد إسرائيل أن لدى النظام الإيراني ما يكفي من اليورانيوم لصنع تسع قنابل نووية، وأن العلماء الإيرانيين يسارعون في إنتاج مواد قابلة للاستخدام في صنع الأسلحة، كما يجري تطوير صواريخ نووية، وهو ما يفسر استهداف إسرائيل لعدد من الفيزيائيين الإيرانيين.
ثانياً، بات حلفاء إيران في المنطقة أضعف من ذي قبل. فقد خسرت "حزب الله" اللبناني خلال حربه ضد إسرائيل في خريف 2024 معظم قادته وترسانته الصاروخية. وكان حزب الله، الذي يمول ويوجهه النظام الإيراني، يُفترض أن يردع إسرائيل عن مهاجمة البرنامج النووي الإيراني. أما حركة حماس، فهي تحتفظ بجزء من قطاع غزة لكنها باتت في وضع دفاعي منذ زمن.
ثالثاً، لم يعد نظام الدفاع الجوي الإيراني قادراً على مواجهة القوات الجوية الإسرائيلية. فبعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل العام الماضي، تمكنت إسرائيل من إضعاف هذا النظام بشكل كبير عبر ضربات دقيقة، ولم يتمكن الإيرانيون حتى الآن من إعادة بناء قدراتهم الدفاعية، ما منح إسرائيل هامشاً واسعاً للتحرك دون خوف من إسقاط طائراتها.
رابعاً، فشلت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة. فطهران كانت في مفاوضات مع واشنطن حول اتفاق نووي جديد، يتعهد بموجبه النظام الإيراني بوقف تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. لكن المفاوضات لم تكن تسير على ما يرام، حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخراً أنه بات يقلل من توقعاته حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران.