هل بإمكان إسرائيل تدمير جميع المواقع النووية الإيرانية؟ تحليل واقعي

أضيف بتاريخ 06/14/2025
منصة المَقالاتيّ


بعد الهجمات الأخيرة التي شنها الجيش الإسرائيلي على مواقع نووية إيرانية، برز سؤال محوري: إلى أي مدى يمكن لإسرائيل فعلاً الوصول إلى كل المنشآت النووية الإيرانية، خاصة تلك المدفونة على عمق مئات الأمتار تحت الأرض؟ تشير تقارير حديثة صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية (AIEA) إلى أن إيران حرصت على بناء العديد من منشآتها النووية في أعماق الأرض، في محاولة لحمايتها من أي هجمات خارجية. ففي حين أن بعض المواقع مثل نطنز تتواجد على أعماق متوسطة، أعلنت السلطات الإيرانية عن وجود منشآت أخرى يصل عمقها إلى 800 متر تحت سطح الأرض، وهو ما يجعل الوصول إليها أو تدميرها مهمة صعبة بأي سلاح تقليدي.

هذا التحدي الكبير لم يمنع إسرائيل من محاولة الضغط على البرنامج النووي الإيراني عبر هجمات جوية متعددة. مثل تلك التي جرت في منتصف يونيو 2025، حيث استهدفت أكثر من 200 طائرة عدة مواقع، من بينها نطنز وإصفهان. لكن وفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس (AFP)، فإن الضربات لم تنجح في إلحاق أضرار بالمنشآت الأكثر تحصيناً، كتلك الموجودة في فوردو أو المواقع التي تقع على عمق 800 متر تحت الأرض.

من الناحية التقنية، تعتمد إسرائيل على قنابل "بونكر-باستر" (Bunker Buster)، وهي قنابل قادرة على اختراق طبقات سميكة من الخرسانة أو التربة. لكن حتى هذه الأسلحة، كما تشير تقارير وزارة الدفاع الأمريكية، لا تستطيع اختراق أكثر من 60 متراً من الخرسانة المسلحة أو 200 متر من التربة، مما يجعل من المستحيل عملياً تدمير منشآت مدفونة على عمق 800 متر. ويبقى السلاح الأمريكي الأقوى من نوعه، وهو القنبلة GBU-57، خارج متناول إسرائيل، حسب ما تؤكده تقارير إعلامية دولية.

الاستنتاج الأبرز هنا هو أن إسرائيل، رغم قدراتها العسكرية والتكنولوجية الكبيرة، لا تملك في الوقت الراهن الوسائل الكافية لتدمير جميع المواقع النووية الإيرانية، وخاصة تلك المدفونة على أعماق هائلة. الهجمات الأخيرة تهدف بالأساس إلى إثارة الضغط النفسي والسياسي، وإعاقة تقدم البرنامج النووي الإيراني، وليس القضاء عليه نهائياً. يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أنفسهم أن "استئصال البرنامج النووي الإيراني بالقوة أمر مستحيل"، حسبما نقلت قناة الجزيرة، وهو ما يفتح الباب أمام استراتيجيات بديلة تعتمد على الحوار أو العقوبات الدولية للحد من الطموحات النووية الإيرانية.

يبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل الصراع النووي في المنطقة. لكن ما هو مؤكد أن التكنولوجيا العسكرية الحالية لا تسمح بتجاوز حدود الطبيعة، وأن المنشآت النووية المدفونة في أعماق الأرض ستظل عصية على التدمير، مهما بلغت قوة الطرف المعادي.