في حادثة أثارت موجة استنكار واسعة، قُتل شاب مسلم طعنًا داخل مسجد في بلدة لا غران كومب بمنطقة لوغار جنوب فرنسا. الجريمة اتسمت بالوحشية والكراهية الدينية، وأعادت إلى الواجهة النقاش حول تصاعد الإسلاموفوبيا وأمن أماكن العبادة في البلاد.
وقعت الجريمة صباح الجمعة، عندما دخل رجل فرنسي في العشرينات من عمره، من أصل بوسني، المسجد أثناء أداء الضحية للصلاة. ثم باغته بطعنات متكررة تجاوزت الخمسين طعنة، قبل أن يقوم بتصوير الضحية بهاتفه المحمول وهو يحتضر، ويوجه شتائم ضد الإسلام، ثم يفر من المكان.
أظهرت التحقيقات الأولية أن المشتبه به لم يكن من رواد المسجد. وكان الضحية، البالغ من العمر 23 أو 24 عامًا، شابًا ماليًا معروفًا في القرية ويحظى باحترام كبير بين السكان. ولم يُكتشف أمر الجريمة إلا عندما وصل مصلون آخرون إلى المسجد لأداء الصلاة، ليجدوا جثة الضحية.
بعدما أرسل الجاني المقطع المصور إلى شخص آخر قام بنشره قبل أن يتم حذفه لاحقًا، انتشرت لقطات الجريمة بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي. كما أظهرت كاميرات المراقبة داخل المسجد الجاني وهو يلاحظ وجودها ويقول: "سيتم اعتقالي، هذا مؤكد".
السلطات الفرنسية سارعت إلى فتح تحقيق في الجريمة. حيث أعلن المدعي العام الإقليمي عبد الكريم غريني أن الجريمة يُحتمل أن تكون ذات طابع معادٍ للإسلام، ولم تستبعد النيابة العامة لمكافحة الإرهاب تولي القضية. ولا تزال الشرطة حتى مساء الأحد تلاحق الجاني الذي تم التعرف إلى هويته، مؤكدة أن البحث عنه يجري بجدية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أدان الجريمة بشدة. وأكد أن "العنصرية والكراهية القائمة على الدين لن يكون لهما مكان في فرنسا"، وشدد على أن "حرية العبادة مصونة". وعبّر ماكرون عبر منصة "إكس" عن دعم الأمة الفرنسية لأسرة الضحية وللمواطنين المسلمين، في رسالة تهدف إلى طمأنة الجالية المسلمة الأكبر عددًا في أوروبا، والتي تقدر بأكثر من ستة ملايين نسمة.
وصف رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو الجريمة بأنها "عار إسلاموفوبيا"، وأكد تعبئة كل موارد الدولة لضمان القبض على القاتل ومعاقبته، معبرًا عن تضامنه مع عائلة الضحية والجالية المسلمة التي أصيبت بصدمة جراء هذا العنف الوحشي في مكان عبادة.
الحادثة أعادت إلى الواجهة مخاوف المسلمين في فرنسا من تصاعد الاعتداءات ذات الطابع الديني. ودعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إلى إطلاق خطة وطنية عاجلة لحماية أماكن العبادة الإسلامية وتعزيز الأمن حولها.
يأتي في وقت تشهد فيه فرنسا نقاشًا متجددًا حول التوازن بين العلمانية وحرية المعتقد، وسط تصاعد الخطاب المعادي للمسلمين من بعض الجهات السياسية. هذا يضع السلطات أمام تحديات كبيرة لضمان أمن جميع المواطنين وصون قيم الجمهورية القائمة على الحرية والمساواة.
الجريمة المروعة في لا غران كومب تضع فرنسا أمام اختبار جديد في مواجهة العنصرية والكراهية. وتؤكد الحاجة الملحة لتعزيز الحوار المجتمعي واتخاذ إجراءات ضد كل أشكال العنف والتطرف، أياً كان مصدرها أو دوافعها