الفيديو الدعائي الإيراني: بين الخطاب العسكري والرسالة الدينية في صراع إيران مع الولايات المتحدة

أضيف بتاريخ 06/12/2025
دار سُبْحة

في الفيديو الذي بثته وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، تتجلى أدوات الدعاية الإيرانية بوضوح. حيث تختلط الأصوات الدينية الشيعية مع خطاب التعبئة العسكرية، في مزيج فريد يُوجّه المشاهد نحو حالة من الاستعداد المستمر للمواجهة والجهاد. يبدأ الفيديو بنداءات واضحة مثل "يا جيش صاحب الزمان تهيّا تهيّا" و"أيها لشكر صاحب الزمان، آماده باش آماده باش"، وهي عبارات تتكرر باستمرار لتُذكّر الجمهور بأنه جزء من "جيش المهدي" المنتظر. ما يُعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية تجاه القضية الدينية والسياسية معاً


>

يتواصل الفيديو بخطاب ديني عاطفي. يُقال فيه: "يا أيها العزيز الغائب، رغم أننا بعيدون عنك لكننا نحس بأننا قريبون من الظهور". هذا التعبير يُذكّر بعقيدة المهدي المنتظر في الفكر الشيعي، ويُربط بشكل مباشر بين البعد الروحي والعمل العسكري. كما يُردد في الفيديو عبارات مثل "رجال الجهاد ينتظرونك" و"هذا جيش العشق الذي مملوء من العزم والهمة وجميع المشتاقين جاهزون للقتال"، ما يُعزز صورة الجندي الإيراني كفدائي مستعد للتضحية من أجل الدين والوطن.

تظهر في الفيديو رسائل عدائية واضحة ضد "الشيطان" وضد إسرائيل، حيث يُقال: "في هجومنا لا يبقى أثر من الشيطان ولا تبقى دار آمنة في تل أبيب"، وهي عبارة تكرس صورة العدو الخارجي وتُعزز حالة العداء مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتُبرر الاستعداد الدائم للحرب. هذه الرسائل تُعد جزءاً من استراتيجية الدعاية الإيرانية التي تستخدم الدين والموسيقى الدينية كأداة لتعبئة الجماهير وتوحيد الصفوف في الداخل، وترسيخ صورة إيران كقوة مقاومة.

الأغاني والتراتيل الشيعية التي تُسمع في الفيديو ليست مجرد موسيقى دينية، بل تُستخدم كأداة فعالة في تعزيز الشعور بالأخوة والوحدة والتضامن، فضلاً عن تحفيز المشاعر الدينية والعاطفية باتجاه العمل العسكري. هذا النوع من الدعاية ليس جديداً في إيران، فقد استُخدم خلال الحرب العراقية الإيرانية لتحفيز الشباب على الانضمام إلى الجبهات، وتكريس ثقافة الشهادة والمقاومة.

يُعد الفيديو نموذجاً صارخاً للدعاية الإيرانية التي تزاوج بين الدين والسياسة والعسكر. تُحوّل الأغاني الدينية إلى سلاح نفسي وتعبوي. هذه الأدوات الإعلامية تهدف إلى تعبئة الداخل وإظهار إيران كقوة دينية وعسكرية قادرة على مواجهة العدو الخارجي. وتظل أداة رئيسية في ترسانة النظام الإيراني في حربه الدعائية ضد خصومه.