يؤكد سادغورو في حديثه أن العقل البشري يشبه المرآة التي تعكس العالم من حولنا، لكن هذه المرآة ليست دائمًا صافية أو مستقيمة. فكل إنسان يرى الواقع من خلال انعكاسات عقله، التي تتأثر بتجاربه ومعتقداته وهويته. حتى الحيوانات ترى العالم عبر مرآة عقلية خاصة بها، فالنمر مثلًا يرى كل شيء كطعام محتمل، أما الإنسان فعقله أكثر تعقيدًا، لكنه لا يزال بعيدًا عن رؤية الحقيقة كما هي.
يشرح سادغورو أن معظم الناس يقضون حياتهم وهم يراقبون انعكاسات الواقع على مرآة عقولهم دون أن يختبروا الحياة أو أنفسهم بشكل مباشر. وعندما يواجهون الموت، يشعر الكثيرون بالارتباك لأنهم يدركون فجأة أنهم لم يعيشوا الحياة فعليًا، بل اكتفوا بمراقبة الصور المنعكسة في عقولهم. فقط من مروا بتجارب شديدة أو لحظات مواجهة حقيقية مع الحياة، كالحروب أو الحوادث، يشعرون بلحظة وضوح أو عاطفة عميقة عند الموت، لأن مرآة العقل تنكسر مؤقتًا في تلك اللحظات.
ولكي يتجاوز الإنسان حدود عقله وينتقل إلى اختبار الحياة بشكل مباشر، يقترح سادغورو تمرينًا بسيطًا لكنه عميق التأثير: أن ينظر الشخص إلى إنسان أو شيء أمامه ويحاول أن يرى الأشكال الهندسية التي يتكون منها، خاصة المثلثات. في البداية قد يرى مثلثًا أو اثنين، ثم مع التمرين يمكنه أن يرى عشرات أو حتى مئات المثلثات في تفاصيل الأشياء من حوله. هذا التمرين يطور الانتباه ويجعل العقل أكثر دقة ووضوحًا، لكنه ليس هدفًا في حد ذاته، بل وسيلة لتدريب العقل على تجاوز الانعكاسات السطحية.
يحذر سادغورو من استخدام هذه القدرات العقلية لتحقيق رغبات مادية أو السيطرة على الآخرين، فالغرض الأساسي هو رحلة داخلية نحو فهم أعمق للذات والحياة. فكلما أصبح العقل أكثر وضوحًا وانعكاساته أكثر صفاءً، اقترب الإنسان من اختبار جوهر الحياة بعيدًا عن التشويش الذهني.