تشهد منطقة الخليج العربي طفرة غير مسبوقة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تتنافس دول مثل السعودية والإمارات على استقطاب أحدث التقنيات وتأسيس بنى تحتية ضخمة تدعم التحول الرقمي والابتكار. في هذا السياق، برزت عدة أخبار ومبادرات تعكس هذا الزخم التقني والتنموي.
في السعودية، أبرمت شركة "Humain" الوطنية صفقة تاريخية مع شركة Nvidia الأمريكية لشراء 18,000 شريحة من معالجات "GB300 بلاكويل" المتطورة، ضمن استثمار بقيمة 10 مليارات دولار لإنشاء مراكز بيانات فائقة القدرة بقدرة 500 ميغاواط. هذه الخطوة تعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في بنية الذكاء الاصطناعي العالمية، وتفتح آفاقًا واسعة لتطوير الحوسبة الفائقة والتطبيقات الصناعية والبحثية.
على صعيد آخر، أطلقت السعودية أول عيادة طبية تعمل بالكامل بالذكاء الاصطناعي، حيث يعتمد المرضى على "الدكتور هوا"، روبوت دردشة ذكي قادر على تشخيص الأمراض الشائعة بدقة تصل إلى 99.97%، مما يشكل نقلة نوعية في تقديم الخدمات الصحية.
في الإمارات، تتسارع الجهود لبناء أكبر مركز بيانات للذكاء الاصطناعي في العالم، بدعم من شركة OpenAI، التي تسعى إلى إنشاء مجمع ضخم بقدرة 5 جيجاوات في أبوظبي، ليصبح مركزًا عالميًا لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. يأتي ذلك بعد توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة لبناء أكبر حرم ذكاء اصطناعي خارج أمريكا.
كما أطلقت الإمارات تطبيق "تم" الحكومي الذكي، الذي يدمج أكثر من 950 خدمة حكومية في منصة واحدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتنبؤ، مما يلغي الحاجة للانتظار في الطوابير أو تعبئة النماذج الورقية، ويجعل تجربة التعامل مع الحكومة سلسة وسريعة.
لكن في ظل هذه التطورات، تحذر التقارير من مخاطر انتشار أدوات ذكاء اصطناعي مزيفة تحمل برمجيات خبيثة تهدف إلى سرقة البيانات الشخصية، مما يستدعي توخي الحذر وعدم الثقة العمياء بأي تطبيق يدعي الذكاء الاصطناعي.
أيضًا، تخطط منصات مثل يوتيوب لاستخدام الذكاء الاصطناعي لعرض الإعلانات في أكثر اللحظات تأثيرًا داخل الفيديوهات، ما يثير مخاوف المستخدمين من تدهور تجربة المشاهدة.
باختصار، يشهد الخليج طفرة تقنية غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي، تجمع بين الطموح الحكومي والاستثمار الضخم، مع تحديات أمنية وتجارية جديدة، ما يجعل المنطقة مركزًا حيويًا للتطورات المستقبلية في هذا المجال الحيوي.