تمكن فريق بحثي من جامعة خرونينجن الهولندية من إعادة كتابة التسلسل الزمني لمخطوطات البحر الميت، أحد أبرز الاكتشافات الأثرية والدينية في القرن العشرين، وذلك بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. الدراسة التي نشرت مؤخرًا في مجلة PLOS One اعتمدت على أداة رقمية متطورة تحمل اسم "إينوك" (Enoch)، جمعت بين نتائج التأريخ بالكربون المشع وتحليل أنماط خط اليد باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما أتاح للعلماء تحديد أعمار المخطوطات بدقة غير مسبوقة وبدون إتلاف أي جزء منها.
النتائج جاءت مفاجئة، إذ أظهرت أن بعض النصوص، مثل أجزاء من سفر دانيال، أقدم بقرون مما كان يعتقد سابقًا، حيث يعود تاريخها إلى نحو عام 230 قبل الميلاد، بينما كانت التقديرات السابقة تضعها في القرن الثاني أو الأول قبل الميلاد. هذا التحول في التأريخ لا يقتصر على مخطوطة واحدة، بل يمتد ليشمل أكثر من ألف مخطوطة قابلة للدراسة، ما يفرض إعادة النظر في تسلسل تطور النصوص الدينية اليهودية والمسيحية المبكرة، ويمنح الباحثين أداة جديدة لإعادة بناء تاريخ الفكر الديني القديم بدقة أكبر.
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحليل المخطوطات القديمة يمثل نقلة نوعية في مجال الدراسات الإنسانية، حيث توفر التقنية الجديدة وسيلة غير مدمرة وأكثر موضوعية لمقارنة نتائج التأريخ التقليدي، وتقلل من هامش الخطأ البشري. ومع أن بعض الخبراء يدعون إلى الحذر وعدم الاعتماد المطلق على نتائج الذكاء الاصطناعي، إلا أن دقة الأداة الجديدة وصلت إلى 85% في بعض الحالات، ما يعزز مصداقية الاكتشافات ويعد بمزيد من المفاجآت مع استمرار تحليل بقية المخطوطات.