هل ستحتاج قريباً إلى هاتف بسيط؟ لماذا يتجنب الجيل الجديد الهواتف الذكية؟

أضيف بتاريخ 05/20/2025
منصة ذكاء


في زمنٍ أصبحت فيه الهواتف الذكية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تظهر اليوم موجة جديدة يقودها شباب الجيل زد (Z) والجيل الألفي (Millennials) نحو الهواتف البسيطة، أو ما يُعرف بـ"الدَمب فون" (Dumbphone)، التي تقتصر وظائفها على المكالمات والرسائل وبعض الميزات الأساسية فقط. فما الذي يدفع هؤلاء إلى التخلي عن الأجهزة الذكية المتطورة لصالح هواتف تبدو وكأنها من الماضي؟

الإدمان الرقمي والبحث عن الهدوء

تشير الدراسات الحديثة إلى أن 83% من شباب الجيل زد يشعرون بأن علاقتهم بهواتفهم الذكية غير صحية، وأن الإفراط في استخدامها يؤثر سلباً على صحتهم النفسية ونومهم وقدرتهم على التركيز. في المتوسط، يقضي كثير من الشباب أكثر من ثماني ساعات يومياً أمام الشاشات، وسط سيل من الإشعارات والتطبيقات والشبكات الاجتماعية، ما يؤدي إلى القلق، اضطرابات النوم، وتشتت الذهن.

الهروب من "اقتصاد الانتباه"

الهواتف الذكية لجذب انتباه المستخدمين لأطول فترة ممكنة، عبر إشعارات مستمرة وتطبيقات لا نهاية لها. هذا ما دفع كثيرين إلى البحث عن "ديتوكس رقمي" (Digital Detox) عبر تبنّي هواتف بسيطة تعيدهم إلى الأساسيات: مكالمات ورسائل فقط، دون إغراءات الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. النتيجة؟ هدوء ذهني، تركيز أفضل، وشعور أكبر بالحضور.

عودة الهواتف البسيطة: من "نوكيا" إلى "لايت فون"

شهدت مبيعات الهواتف البسيطة ارتفاعاً ملحوظاً، خاصة بين الشباب والمراهقين. شركات مثل نوكيا (Nokia) و"لايت فون" (Light Phone) أطلقت أجهزة جديدة تلبي هذا الطلب، مثل نوكيا 2660 أو Light Phone 3، التي تتيح فقط المكالمات، الرسائل، وبعض الميزات المحدودة مثل الراديو أو المنبه، مع بطارية تدوم لفترات طويلة دون الحاجة للشحن المتكرر.

مفارقة لافتة: انتشار مقاطع الفيديو التي تروج لمزايا الهواتف البسيطة على منصات مثل تيك توك. هذا يعكس رغبة لدى الجيل الشاب في التحرر من سطوة التكنولوجيا، حتى لو استخدموا وسائل رقمية للتعبير عن ذلك.

حياة اجتماعية أكثر واقعية

تبني الهواتف البسيطة لا يعني فقط تقليل الوقت أمام الشاشة، بل يشجع أيضاً على استعادة العلاقات الاجتماعية الواقعية، والتواصل المباشر مع الآخرين بعيداً عن وساطة التطبيقات والشبكات. حتى بعض الجامعات والمؤسسات بدأت بتنظيم فعاليات وأنشطة خالية من الهواتف الذكية، في محاولة لإعادة التوازن إلى الحياة اليومية.

هل هي موضة عابرة أم تغيير جذري؟

رغم أن المجتمع لن يتخلى كلياً عن الهواتف الذكية قريباً، إلا أن تصاعد شعبية الدَمب فون يعكس حاجة حقيقية لدى كثيرين للانفصال المؤقت عن العالم الرقمي، واستعادة السيطرة على وقتهم وصحتهم النفسية. ربما لن يعود الجميع إلى الهواتف البسيطة، لكن من الواضح أن الرغبة في العودة إلى الأساسيات أصبحت خياراً جدياً لجيل يبحث عن معنى أعمق للتواصل والحياة.