عندما نتحدث عن الوشوم، غالباً ما نفكر في جمالها الفني أو رمزيتها الثقافية. لكن ما يثير الاهتمام حقاً هو تأثيرها العميق على جهازنا المناعي وكيف يتفاعل جسمنا مع هذا الفن الدائم.
يعتبر الوشم من أقدم الممارسات البشرية، حيث يتم حقن الحبر تحت الجلد لإنشاء رسوم دائمة. لكن السؤال الذي يحير العلماء هو: لماذا تستمر هذه الوشوم على الرغم من محاولات جهازنا المناعي المستمرة للتخلص منها؟
عندما يتم وشم الجلد، يتعامل الجسم مع الأمر كأنه هجوم خارجي. تشرح الدكتورة جولييت موريسون، عالمة الفيروسات في جامعة كاليفورنيا، أن الجلد يمثل "الحاجز الأول" لجهاز المناعة، وهو غني بالخلايا الدفاعية التي تستجيب بسرعة لأي تهديد.
الاكتشاف المثير يكمن في دور الخلايا البلعمية (المَاكْرُوفَاج). فعندما تبتلع هذه الخلايا جزيئات الحبر، تجد صعوبة في تحليلها. وبدلاً من تدميرها، تظل جزيئات الحبر محتجزة داخل هذه الخلايا، مما يجعل الوشم مرئياً على الجلد.
وفقاً لأبحاث الدكتورة ساندرين هنري من مركز المناعة في مرسيليا، عندما تموت الخلايا البلعمية، تلتقط خلايا جديدة جزيئات الحبر المتحررة فوراً، مما يحافظ على استمرارية الوشم. هذه الدورة المستمرة من الابتلاع وإعادة الابتلاع تفسر صعوبة إزالة الوشوم حتى بالليزر.
لكن هل للوشوم تأثير إيجابي على المناعة؟ تشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم وشوم متعددة قد يظهرون مستويات أعلى من بعض جزيئات المناعة في دمائهم. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن وجود المزيد من الأجسام المضادة لا يعني بالضرورة مناعة أفضل.
الأكثر إثارة للاهتمام هو إمكانية استخدام تقنية الوشم في تطوير لقاحات المستقبل. يعمل الدكتور غاري كوبنجر وفريقه على استكشاف إمكانية استخدام تقنيات الوشم لتقديم اللقاحات بطريقة أكثر فعالية، مستفيدين من غنى الجلد بالخلايا المناعية.