وجه الملك محمد السادس خطاباً مؤثراً إلى قادة الدول الأفريقية والعالمية خلال قمة "إفريقيا من أجل المحيط" المنعقدة في مدينة نيس الفرنسية، حيث دعا إلى تبني رؤية استراتيجية جديدة تعيد الاعتبار للدور البحري للقارة الإفريقية. وأكد الملك، في خطابه الذي ألقته الأميرة للا حسناء، أن الاقتصاد الأزرق لم يعد ترفاً بيئياً، بل أصبح ضرورة استراتيجية لمستقبل إفريقيا، خاصة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة.
شدد الملك محمد السادس على أهمية تطوير قطاعات مثل الصيد البحري المستدام، الطاقات المتجددة البحرية، الصناعات المينائية، والتكنولوجيا الحيوية البحرية، بالإضافة إلى السياحة الساحلية المسؤولة. وأشار إلى أن المغرب يُعد نموذجاً في هذا المجال من خلال مشاريعه الكبرى مثل ميناء طنجة المتوسط، وميناء الناظور غرب المتوسط، وميناء الداخلة الأطلسي، التي تعزز مكانة المغرب كمركز لوجستي وصناعي متطور في المنطقة.
ودعا الملك إلى تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية في إدارة المحيطات، معتبراً أن العمل الجماعي هو السبيل الأمثل لتحقيق الاستفادة القصوى من الثروات البحرية، وضمان الأمن الغذائي والطاقة وحماية التنوع البيولوجي البحري. كما أكد أهمية التكامل الإقليمي وتوحيد المواقف الإفريقية على الساحة الدولية، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية التي تواجه القارة.
وأشار الملك إلى الإمكانيات الهائلة التي تملكها الواجهة الأطلسية لإفريقيا، داعياً إلى استثمارها كجسر للتكامل الاقتصادي وممر استراتيجي للتجارة والطاقة، مستشهداً بمشروع أنبوب الغاز الأطلسي كأحد النماذج الواعدة للتعاون الإفريقي.
واختتم الملك خطابه بالتأكيد على أن إفريقيا، رغم امتلاكها لثروات بحرية هائلة، لا تزال بحاجة إلى الانتقال من مرحلة الإمكانيات إلى مرحلة الفعل والابتكار، داعياً إلى إدارة جماعية للمحيط الإفريقي تضمن تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز السيادة القارية. وأكد أن وحدة الصوت الإفريقي في قضايا المحيطات ستمنح القارة قوة تفاوضية أكبر على المستوى الدولي، وستفتح آفاقاً جديدة للتنمية والازدهار.