الجزائر توقع اتفاقيات مع رواندا... البلد "الصديق" لإسرائيل؟ يا للصدفة العجيبة!

أضيف بتاريخ 06/06/2025
منصة الجنوبية

من كان يصدق؟ الجزائر، البلد الذي لا ينام إلا وهو يردد شعارات العداء لإسرائيل، البلد الذي يرفع راية "لا للتطبيع" في كل مناسبة، ها هو اليوم يوقع اتفاقيات تعاون مع رواندا، أحد أكثر الدول الإفريقية قرباً من الدولة العبرية. فعلاً، السياسة الجزائرية لا تكف عن إبهارنا بتناقضاتها، أو ربما علينا القول: بقدرتها الفذة على ممارسة الجمباز الدبلوماسي.

خلال زيارة رسمية للرئيس الرواندي بول كاغامي إلى الجزائر، ووسط أجواء احتفالية، تم توقيع سلسلة من الاتفاقيات بين البلدين: من الإعفاء من التأشيرات إلى التعاون في مجالات الأمن، التعليم، الزراعة، الاتصالات، والاستثمار. حتى أن رواندا ستفتح سفارة لها في الجزائر، وكأن العلاقات بينهما كانت ناقصة فقط عنوان بريد جديد في العاصمة الجزائرية.

لكن لحظة، أليس هذا هو نفس النظام الجزائري الذي يصرخ صباح مساء ضد أي علاقة مع إسرائيل؟ أليس هو الذي يهاجم المغرب وكل من يقترب من تل أبيب؟ يبدو أن "المبادئ" الجزائرية مرنة جداً عندما يتعلق الأمر بالمصالح، أو ربما هي مجرد "خطوط حمراء" مرسومة بقلم رصاص يمكن مسحها عند الحاجة.

الطريف في الأمر أن رواندا ليست مجرد دولة عادية في إفريقيا، بل هي من بين أقرب الحلفاء لإسرائيل في القارة. التعاون بين كيغالي وتل أبيب يشمل الأمن، التكنولوجيا، وحتى الزراعة. ومع ذلك، لم يجد النظام الجزائري أي حرج في استقبال كاغامي بالأحضان وتوقيع الاتفاقيات بالجملة، بينما يستمر في بيع خطاب "الممانعة" لشعبه، وكأن لا أحد يقرأ الأخبار خارج التلفزيون الرسمي.

بكل بساطة، الدبلوماسية الجزائرية ترفع شعار: "قل شيئاً وافعل عكسه"، أو كما يقول المثل الشعبي: "اللي اختشوا ماتوا". أما عن القضية الفلسطينية، فهي حاضرة دائماً في الخطابات، لكن في الواقع، كل شيء قابل للتفاوض إذا اقتضت الحاجة للحفاظ على "النفوذ الإقليمي" أو مجرد الظهور بمظهر اللاعب الكبير في إفريقيا.

يبدو أن الجزائر وجدت في رواندا شريكاً مناسباً لتبادل المصالح، حتى لو كان ذلك يمر عبر "النافذة الإسرائيلية". أما الشعارات، فتبقى للاستهلاك المحلي، وللإعلام الرسمي الذي لا يمل من تكرار الأسطوانة المشروخة: "لا للتطبيع... إلا إذا كان التطبيع مفيداً لنا!"