"كل ما يحدث لنا، حتى إذلالنا ومصائبنا وإحراجنا، يُمنح لنا كمادة خام، كالطين، لنصنع منه فننا"
- خورخي لويس بورخيس
يمتلك العقل البشري فضولاً غريباً تجاه القصص المؤلمة. فنحن نجد أنفسنا منجذبين نحو أخبار الكوارث الطبيعية والحوادث المأساوية والاضطرابات السياسية، حيث تستحوذ هذه الأحداث على انتباهنا لفترات طويلة.
وفي دراسة حديثة أجراها الدكتور إرمان ميسيرليسوي من مؤسسة "ذا برين ليفت"، تبين أن هذا الانجذاب له حدوده في معظم الحالات. فنحن نتجنب عادةً مشاهدة مشاهد الرعب الحقيقية لما تحمله من مخاطر الصدمة النفسية الدائمة. لذا نجد وسائل الإعلام تحجب غالباً الصور الصادمة للغاية.
لكن الفن يقف كاستثناء مثير للاهتمام في هذا السياق. فعندما نختار مسلسلاتنا على نتفليكس أو رواياتنا القادمة، نميل غالباً إلى أنواع الرعب والدراما والمآسي. تصف هذه الأعمال أحداثاً مؤلمة وصادمة وغالباً دموية بتفاصيل كثيرة، لكنها تخلق مسافة نفسية من خلال السرد الفني.
بعض أشهر اللوحات والمنحوتات في العالم تندرج تحت هذه الفئة. فكر في اللوحات الشهيرة لـ"يهوديت تقطع رأس هولوفيرنيس" أو "مذبحة الأبرياء". إنها صور عنيفة للغاية، ومع ذلك يزور الناس المعارض الفنية خصيصاً لرؤيتها.
تكشف الدراسات الحديثة أن الأعمال الفنية تتيح لنا استكشاف مخاوفنا وغرائزنا وتجاربنا الأكثر ظلمة في بيئة آمنة نفسياً. فبينما قد تترك الصور الواقعية ذكريات مؤلمة يصعب التخلص منها، يمكن للفن أن يثير تأملات أخلاقية عميقة دون التسبب في ضرر عاطفي.