في حوار خاص مع صحيفة تيل كيل المغربية ، يستعرض المؤرخ الفرنسي برنار لوغان رؤيته للعلاقة بين أوروبا وأفريقيا، وينتقد تحويل التاريخ إلى أداة أيديولوجية بدلاً من العلم والتحليل الرصين. لوغان يؤكد أن مهمته الأساسية اليوم هي الدفاع عن الحقيقة التاريخية وإزاحة الغشاوة الأيديولوجية عن قضايا الذاكرة المشتركة. يعتبر لوغان نفسه مؤرخاً من المدرسة القديمة، ويشدد على تجربته الميدانية في أفريقيا التي خاضها لعقود، رافضاً الانتقادات التي توجه له Voir "أفريقاني الصالونات". ويرى أن كثيراً من زملائه في الجامعة يدعمونه في صمت بسبب مناخ الهيمنة الفكرية في فرنسا
في موضوع "استبدال الكبير"، يرى لوغان أن أوروبا تشهد بالفعل تحولاً ديموغرافياً عميقاً، ويصرّ على أنه يدافع عن فكرة مناهضة الاستعمار ويرفض أن تكون لأي شعب "أولوية حضارية" على الآخر. لكنه يتساءل عن إمكانية التعايش على المدى الطويل بين شعوب ذات خلفيات ثقافية مختلفة جذرياً في نفس الرقعة الجغرافية، محذراً من أن استمرار هذا التحول يؤدي بالضرورة إلى توترات اجتماعية.
يشير لوغان إلى أن المغرب، برفضه التاريخي أن يصبح فرنسياً، حافظ على شخصيته الوطنية. ويعبر عن تفهمه لعودة المغاربة المقيمين في الخارج، مشيداً بجودة الحياة والتقدّم الاقتصادي والفرص الاستثمارية في المملكة مقارنة بصعوبات البيروقراطية في فرنسا.
لكن المؤرخ الفرنسي يحذر من التحدي المقبل الذي يواجه المغرب ودول شمال أفريقيا: موجة الهجرة الإفريقية جنوب الصحراء، في ظل عجز أوروبا عن استقبال مزيد من المهاجرين. ويؤكد أن المغرب سيجد نفسه في الصف الأمامي أمام تحول ديموغرافي معقّد، ما يستدعي سياسات هجرة واضحة تحمي الاستقرار.
لوغان يدعو الأفارقة إلى تطوير أنماطهم السياسية بأنفسهم دون أي إسقاط أو قوالب غربية. ويعتبر "الذنب الجماعي" فكرة لا معنى لها في تناول التاريخ، لأن كل حقبة يجب فهمها في سياقها، وليس بصياغة قيم اليوم.
وفيما يتعلق بالاستقرار السياسي، يرى لوغان أن المغرب يمثل حالة فريدة من التوازن في المنطقة، على عكس أجزاء واسعة من أفريقيا جنوب الصحراء، ويشير إلى أن دول أوروبا الشرقية التي لم تشهد هجرة جماعية مازالت تحافظ على هويتها الثقافية واستقرارها الاجتماعي.
هكذا، يرسم برنار لوغان مشهداً معقداً يحتدم فيه النقاش حول الهجرات، الهوية، ودور التاريخ، محذراً من المقاربات السطحية وداعياً إلى البحث عن حلول واقعية تنطلق من خصوصية كل شعب ومساره.