ارتباطات ماكرة

أضيف بتاريخ 10/09/2024
الصديق أبو الحسن


وانا أغادر المنطقة الثامنة عشرة الرٌهيبة نحو محطة ستالينغراد، لا تغادرني رائحة المرگاز والدوارة المشوية على الفحم وطواجن التقلية... ولا السحنات البئيسة والسعيدة ولكن غير المحايدة أبدًا، عيون أليفة السواد تدخل بين الروح والجلد، غير أوروبية إطلاقًا... ما دمتم عائقين على بعضكم لهذا الحدّ من ولّى عليكم من سيسومكم العذاب؟ لا يعنيني الجواب...

أتسلّل بين جماعات من المراهقين المنتشين على رؤوس أصابعي، لا أدري أي ارتباطات ماكرة جدا تشابكت في دماغي حتى تذكرت أغنية عفاف راضي "يمكن يبقى له حبيب، يمكن عن باله أغيب، لكن والله يا حبيبي عن بالي ما بتغيب.." أجزم أنني لم أسمعها قطعا منذ الطفولة حين كانت الدورة البرامجية في التلفزيون لا تتعدى بضعة أسابيع يعيدون بعدها بث "الشريط العربي المطول" والمسلسل العربي والسهرة العربية (هي في الواقع إنتاجات مصرية خالصة لم يكن للعرب فيها دخل إلا الاستهلاك المبين). فكيف لا تحفر أخاديد في أدمغتنتا الطرية، لتطلع بعد ثلاثين عامًا عند فزعة لصديق أو ركضة للحاق بآخر باص؟ إعادات برتابة ستالينية في مدة بث لم تكن تتجاوز الست ساعات، حتى حفظنا شارات كل البرامج والدعايات والتترات من الطشاش إلى الطشاش. ولكن حين حاولت تشغيلها على أكثر من تطبيق في الموبايل لم أعثر عليها ولا تطلع كاقتراح بديل لها إلا معلقة الأعشى!! تصور. أي خوارزميات جهنمية تربط بين غنج عفاف راضي ودلالها أمام محمود ياسين، وصوت محمد الحربي الذي تشيب لهوله شيريهان.