كارثة المسيّرة في قاعدة غولاني هي استمرار مباشر لتقصير 7 أكتوبر

أضيف بتاريخ 10/16/2024
معاريف | إفرايم غانور

خلّفت كارثة المسيّرة التي انفجرت في قاعدة غولاني ونتائجها شعوراً بالعجز والإحباط، بالإضافة إلى الشعور بالألم الكبير. والسؤال الذي كان يتردد هو كيف يمكن لجيش ذكي وعصري ومسلح بمنظومة دفاع جوي متعددة الطبقات هي الأفضل في العالم، مع أفضل الصواريخ والطائرات وغيرها، ألّا يملك رداً على المسيّرات؟ السلاح الذي يبدو كأنه لعبة في مواجهة القدرات الهائلة للجيش الإسرائيلي.



التقصير في التصدي للمسيّرات هو في الحقيقة استمرار مباشر لتقصير 7 أكتوبر، التقصير الناتج من قصور ذهني وغطرسة وتجاهُل للوقائع،  والوهم بأن العدو مرتدع، وليس لديه الجرأة، وكل شيء على ما يرام.
لم يكن بن غوريون عسكرياً كبيراً مع ماضٍ عسكري، لكن كان لديه حكمة الحياة، ويتمتع ببصيرة قادرة على رؤية الواقع؛ مع الأسف، لم يكن يتمتع بها أيّ رئيس للحكومة خلال الثلاثين عاماً الأخيرة.
نحن نفتقد بن غوريون في الأيام الأخيرة، لكن يمكننا أن نتعلم مما قاله، ومما طلب تحقيقه خلال فترة ولايته. على سبيل المثال، قال بن غوريون في الخمسينيات من القرن الماضي: "إن أشد الأعداء خطراً على أمن إسرائيل هو الجمود الفكري لدى المسؤولين عن أمن الدولة، يجب علينا  أن نكون يقظين بصورة مستمرة، ونحن بحاجة إلى يقظة دائمة، وإلى تجديد التفكير الأمني والتخطيط، والفحص من جديد، في كل صباح، ما إذا كنا مستعدين ليوم جديد".
لم يقتصر الأمر على ذلك، لقد قال بن غوريون في كل نقاش إن الشرط الأول للصمود في مواجهة أعدائنا هو، قبل كل شيء، قدرتنا على نقل الحرب إلى الطرف الثاني، إلى أرض العدو، وتمسّك بالشعارالقائل: "إن الهجوم هو أفضل أنواع الدفاع".
صحيح أننا لسنا بحاجة إلى أن نكون مثل بن غوريون، لكي ندرك أننا دولة صغيرة ومحاطة بالأعداء، دولة لا تستطيع أن تسمح لنفسها بتحمُّل ثمن القتال من أجل المحافظة على بقائها على أرضها، من هنا، يجب أن يتركز الجزء الأساسي من جهدها العسكري على قدراتها الهجومية، الأمر الذي لم يحدث في السنوات الأخيرة.
لقد ادّعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أكثر من مرة، وبحق، أن المسؤول عن أمن الدولة وعقيدتها الأمنية هو دائماً رئيس الحكومة، بغض النظر عمّن يكون وزير الدفاع، أو رئيس هيئة الأركان. لا يمكن ألّا نتفق مع نتنياهو في هذا الشأن. المشكلة هي أنه خلال سنوات حُكمه الطويلة، لم يفهم، أو لم يرغب في أن يفهم أن الدفاع عن أنفسنا ليس هو الحل للواقع الناشىء من حولنا.
رأينا هذا بصورة ملموسة وواضحة في الاستثمار الاستراتيجي في السياج، وفي المنظومة الدفاعية تحت الأرض لمواجهة الأنفاق في غزة، والتي فشلت فشلاً ذريعاً. تفرض التطورات السريعة والقاتلة في ميدان القتال أن يجري الحديث مع المسؤولين عن أمن الدولة، بمبادرة من رئيس الحكومة، كي يبلوروا تفكيراً مختلفاً، من خارج الصندوق ، بدلاً من حماية أنفسهم بطبقة أُخرى من الدفاع.
في الحرب الحديثة، لا وجود لمنتصرين بالكامل، مثلما شهدنا في الحروب أكثر من مرة، عندما رفعوا العلم على رأس القصر، أو الجبل. الانتصار في ميدان القتال الحديث ليس مطلقاً، ويمكن أن يتحقق فقط بواسطة القدرة على المفاجأة، و إحداث صدمة كبيرة تترك العدو مذهولاً وعاجزاً، وفي المقابل، أن نكون مستعدين فوراً للضربات القادمة التي تُفقد العدو توازنه.
لا يمكن أن تكون الحرب الحديثة طويلة، لأنها تُلحق ضرراً بالاقتصاد، وبالمعنويات، ومن الواضح أن الضرر الاقتصادي معناه ضرر عسكري،  وإلحاق الضرر بتحقيق النصر في ميدان القتال.
كل هذا يفرض تفكيراً تكاملياً قادراً على المزج ما بين الدفاع والهجوم، مع كثير من الحكمة والخداع، هذا مع كل التقدير للقبة الحديدية، ومنظومة حيتس، والعصا السحرية، التي تغطينا بطبقات من الدفاع. وفي الواقع، فمن دونها، لكان وضعنا اليوم أسوأ كثيراً.
لو لم يكن لدينا هذا "السور الواقي"، لكان علينا العمل من أجل إقامته بكل ما لدينا من قوة لمنع أعدائنا من الوصول إلى مثل هذه القدرة على إطلاق الصواريخ، وطبعاً، كي لا نسمح لهم بإطلاق كميات لا يمكن تحمُّلها من الصواريخ والمسيّرات على دولة إسرائيل.