العمامة البيضاء الضخمة التي كان يرتديها السلاطين والقضاة العثمانيون لم تكن مجرد غطاء للرأس، بل كانت تحمل معنى عميقًا في الثقافة الإسلامية. فقد كانت هذه العمامة في الواقع نسخة مطورة من الكفن، وهو ما يعرف باسم "كفن" في اللغة العربية.
كان ارتداء العمامة البيضاء تقليدًا راسخًا في التراث الإسلامي، يهدف إلى تذكير مرتديها بحتمية الموت وزوال الحياة الدنيا. فبارتداء أكفانهم على رؤوسهم، كان السلاطين والقضاة العثمانيون يحملون فكرة الموت في أذهانهم باستمرار، مما كان له تأثير كبير على قراراتهم وأفعالهم.
عند وفاة السلطان أو القاضي، كانت تتم إزالة العمامة وفكها لاستخدامها في تكفين الجثمان قبل دفنه. هذه العادة كانت جزءًا لا يتجزأ من الطقوس الجنائزية العثمانية، وتعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها الإسلام للاستعداد للموت.
من المثير للاهتمام أن هذه الممارسة لم تقتصر على السلاطين والقضاة العثمانيين فحسب. ففي بعض الثقافات الإسلامية الأخرى، كانت العمامة تستخدم أيضًا ككفن طارئ في حالة حدوث الوفاة بشكل مفاجئ وغير متوقع.
إن فهم هذه الممارسة يلقي الضوء على العمق الروحي والفلسفي للثقافة العثمانية. فقد كانت العمامة البيضاء رمزًا للسلطة والحكمة، ولكنها في الوقت نفسه كانت تذكيرًا دائمًا بفناء الدنيا وأهمية العمل الصالح. هذا التوازن بين السلطة الدنيوية والوعي الأخروي كان سمة مميزة للحكم العثماني، وساهم في تشكيل سياسات الإمبراطورية وقراراتها على مدى قرون.