في تحول لافت للنظر، غيّر المؤرخ الأمريكي روبرت باكستون، أحد أبرز المتخصصين في دراسة الفاشية وتاريخ فرنسا في عهد فيشي، موقفه من وصف دونالد ترامب بالفاشي. وقد جاء هذا التحول بعد أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
شهد باكستون (92 عاماً) من شقته في مانهاتن كيف اقتحم حشد من أنصار ترامب مبنى الكونغرس الأمريكي. كان المشهد صادماً للمؤرخ المخضرم الذي قضى عقوداً في دراسة الحركات الفاشية في أوروبا. يقول باكستون: "كنت مأخوذاً تماماً بما كنت أشاهده. لم أكن أتخيل أن شيئاً كهذا يمكن أن يحدث."
قبل هذه الأحداث، كان باكستون متردداً في استخدام مصطلح "الفاشية" لوصف ترامب وحركته. ففي مقال نشره عام 2017، حذر من الاستخدام المتسرع لهذا المصطلح، مشيراً إلى أن التشابهات بين ترامب والقادة الفاشيين كانت سطحية. لكن أحداث 6 يناير غيرت موقفه جذرياً.
في مقال نشره في مجلة نيوزويك بعد خمسة أيام من الأحداث، كتب باكستون أن "الدعوة الصريحة لاستخدام العنف المدني لإبطال نتيجة انتخابات تجاوزت خطاً أحمر". وأضاف أن وصف ترامب بالفاشي "لم يعد مقبولاً فحسب، بل أصبح ضرورياً".
يرى باكستون أن "الترامبية" تحولت إلى ظاهرة تتجاوز شخص ترامب نفسه. إنها حركة جماهيرية تنبع من القاعدة، تماماً مثلما نشأت الفاشية الإيطالية والنازية. ويؤكد أن الخطر يكمن في التربة الخصبة التي تنمو فيها هذه الحركات، وليس فقط في قادتها.
ما يميز الظاهرة الترامبية، وفقاً لباكستون، هو قاعدتها الاجتماعية الصلبة التي تفوق ما كان لدى هتلر وموسوليني. وهو يحذر من أن النتيجة ستكون "مروعة" سواء فاز ترامب في انتخابات 2024 أو خسرها.
يستند تحليل باكستون إلى عقود من البحث في طبيعة الفاشية. وهو يرى أن الفاشية ليست مجرد أيديولوجيا، بل هي سلوك سياسي يتميز بـ"هاجس التدهور المجتمعي والإذلال والشعور بالضحية". وهذه السمات، للأسف، تتجلى بوضوح في الحركة الترامبية المعاصرة.