القابلية للقراءة: فكرة صغيرة ذات تأثير كبير

أضيف بتاريخ 11/13/2024
مدونة المَقالاتيّ

يقدم جيمس سكوت في كتابه "الرؤية كدولة: كيف فشلت مخططات معينة لتحسين الحالة الإنسانية" نظرة ثاقبة حول كيف تفشل المحاولات المنهجية لتبسيط الواقع المعقد. يطرح مفهوماً أساسياً يسميه "القابلية للقراءة" - وهو محاولة السلطات المركزية لجعل المجتمعات والأنظمة المعقدة أكثر وضوحاً وقابلية للقياس والتحكم.



يبدأ الفشل عندما تواجه السلطة واقعاً معقداً - كديناميكيات مدينة قديمة مثلاً - فتفشل في فهم تعقيداته الدقيقة. وبدلاً من الاعتراف بقصورها، تنسب هذا الفشل إلى "عدم عقلانية" الواقع نفسه. ثم تقترح رؤية مثالية مبسطة لما يجب أن يكون عليه هذا الواقع، وتستخدم سلطتها لفرض هذه الرؤية.

يضرب الكتاب مثالاً واضحاً من خلال "علم الغابات العلمي". فالدولة الحديثة المبكرة كانت مهتمة فقط بتعظيم العائدات الضريبية من الغابات. أدى هذا إلى تحويل الغابات الطبيعية المتنوعة إلى صفوف منظمة من الأشجار عالية الإنتاج. النتيجة كانت كارثية - وهو ما نعرفه اليوم بمشاكل الزراعة أحادية المحصول.

لا يقتصر هذا النمط على الحكومات فقط. فالشركات والأفراد يقعون في نفس الفخ عندما يحاولون تبسيط الواقع المعقد من خلال نماذج وخطط مبسطة. المشكلة الأساسية تكمن في افتراض أن الواقع الناجح والفعال يجب أن يكون واضحاً وقابلاً للقياس.

الدرس المستفاد هو أن فهم الأنظمة المعقدة يتطلب الانغماس فيها وفهم تفاصيلها الدقيقة، بدلاً من محاولة فرض نظام مبسط من الخارج. فالتبسيط المفرط يجعل النظام هشاً وعرضة للفشل.

هذه الأفكار لا تزال وثيقة الصلة بعالمنا المعاصر. فسواء في السياسة العامة أو إدارة الشركات أو حتى في حياتنا الشخصية، نحتاج إلى مقاومة إغراء التبسيط المفرط والاعتراف بقيمة التعقيد الطبيعي والتنوع.