دار نشر فرانز فانون تحت الأقفال: عندما يصبح الكتاب تهديداً للأمن القومي

أضيف بتاريخ 01/20/2025
مدونة المَقالاتيّ


أقدمت السلطات الجزائرية على وضع الأختام على دار نشر فرانز فانون، المؤسسة الثقافية المرموقة التي يديرها الصحفي عمار إينغراشن. هذا القرار، الذي جاء بحجة نشر كتاب "يهدد الأمن والنظام العام والهوية الوطنية"، يثير تساؤلات عميقة حول مستقبل حرية التعبير والنشر في الجزائر.

الكتاب المثير للجدل، "الجزائر اليهودية - الذات الأخرى التي أعرفها قليلاً" للكاتبة هادية بن سهلي، أصبح محور أزمة أعمق تعكس التوتر المتزايد بين السلطات والمؤسسات الثقافية. قرار الإغلاق لمدة ستة أشهر لم يأتِ من فراغ، بل سبقه وضع مدير الدار تحت الرقابة القضائية، في تصعيد يعكس نهجاً متشدداً تجاه حرية النشر.

وتأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من الإجراءات المماثلة التي طالت مؤسسات ثقافية أخرى. فقد شهدت الساحة الثقافية الجزائرية مؤخراً إغلاق مكتبة شيخ في تيزي وزو، واستبعاد دار نشر فرانز فانون من معرض الكتاب سيلا 2024، وكذلك إقصاء دار نشر كوكو من معرض جرجرة للكتاب.

هذه الممارسات تثير مخاوف جدية حول مستقبل الحريات الثقافية في الجزائر. فعندما يصبح نشر كتاب يتناول جزءاً من التاريخ الاجتماعي للبلاد سبباً للملاحقة القانونية، فإن ذلك يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة العلاقة بين السلطة والثقافة.

إن استخدام الإجراءات الإدارية والأمنية لتقييد حرية النشر يمثل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات الديمقراطية التي ناضل من أجلها المثقفون الجزائريون لعقود. وكما وصف أرزقي آيت العربي، مدير دار نشر كوكو، الوضع بأنه "انتهاك صارخ لقوانين الجمهورية"، فإن هذه الممارسات تهدد بتحويل المشهد الثقافي إلى ساحة للرقابة وتنميط العقول.