شهدت المسارح البريطانية في الآونة الأخيرة ظاهرة لافتة تثير الجدل في الأوساط الثقافية: انتشار التصفيق وقوفاً بشكل غير مسبوق. فما الذي يدفع الجمهور إلى هذا السلوك الجماعي، وهل يعكس تغيراً حقيقياً في المشهد المسرحي؟
في مسرح دروري لين الملكي بلندن، تقف سيغورني ويفر على خشبة المسرح في دور بروسبيرو في مسرحية "العاصفة" لشكسبير. ورغم أن أداءها لم يكن استثنائياً، إلا أن الجمهور هبّ واقفاً للتصفيق في نهاية العرض، في مشهد أصبح متكرراً في مسارح حي ويست إند اللندني.
يرى المراقبون أن جائحة كورونا شكلت نقطة تحول في هذه الظاهرة. فمع عودة الجمهور إلى المسارح بعد عام 2021، بدا وكأن التصفيق وقوفاً أصبح تعبيراً عن الامتنان لعودة المسرح الحي، قبل أن يتحول إلى عادة راسخة.
وتتعدد التفسيرات لهذه الظاهرة: من تأثير برامج المسابقات التلفزيونية، إلى استيراد ثقافة برودواي، وصولاً إلى ارتفاع أسعار التذاكر الذي يدفع المشاهدين إلى محاولة تبرير نفقاتهم من خلال المبالغة في التفاعل.
لكن هذا التحول يثير مخاوف النقاد والمتابعين لعدة أسباب. أولاً، يصبح التصفيق وقوفاً إجبارياً اجتماعياً، إذ يصعب على الفرد البقاء جالساً وسط جمهور واقف. ثانياً، يفقد هذا التقليد قيمته عندما يصبح روتينياً، فلا يعود تعبيراً صادقاً عن الإعجاب الحقيقي بالعرض.
ومع ذلك، يمكن اعتبار هذه الظاهرة تعبيراً عن حاجة المجتمع للاحتفاء بالفن المباشر في عصر رقمي. فالمسرح يظل سحراً يجمع بين الفن والخيال، حتى وإن اختلفت طرق التعبير عن تقديره.