"المعرفة اللامتناهية لا تعني بالضرورة الحكمة اللامتناهية"
- خورخي لويس بورخيس
في عام 1941، تخيل الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس "مكتبة بابل" - عالماً لا نهائياً من الممرات المليئة بالكتب. واليوم، يبدو أن هذا الخيال الأدبي قد تحول إلى واقع رقمي مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة مثل ChatGPT وGPT-4.
يتميز الفضاء الإلكتروني بإمكانياته اللامتناهية، على عكس الصحافة المطبوعة التي تنتهي حتماً عند حدود الورقة. فالذكاء الاصطناعي، المدعوم بمليارات المعلمات - 175 مليار في GPT-3 و100 تريليون في GPT-4 - يتواصل مع ملايين المستخدمين في وقت واحد، منتجاً كميات هائلة من النصوص تفوق ما يمكن لأي مكتبة مادية استيعابه.
في قصة بورخيس، تتكون المكتبة من رفوف سداسية الشكل تمتد أفقياً وعمودياً إلى ما لا نهاية. وبشكل مماثل، تعمل روبوتات المحادثة الحديثة على توليد اللغة من خلال تجميع وحدات معنى أصغر من الكلمات، معتمدة على احتمالات إحصائية معقدة.
وكأن بورخيس، الذي كان كفيفاً، قد تنبأ بمستقبلنا الرقمي عندما كتب: "ربما يخدعني الشيخوخة والخوف، لكنني أشك في أن الجنس البشري سينقرض قريباً، وستبقى المكتبة: مضاءة، وحيدة، لا نهائية، ثابتة تماماً، مسلحة بمجلدات ثمينة، عديمة الفائدة، غير قابلة للفساد، سرية."