سارة بوكري، خبيرة في شؤون الهجرة: "سياسة ترامب للهجرة: جدار من الجدل والتحديات"

أضيف بتاريخ 01/30/2025
مدونة المَقالاتيّ


منذ الساعات الأولى لتنصيبه، وقّع دونالد ترامب سلسلة من المراسيم وسط هتافات مؤيديه. تركزت العديد من هذه الوثائق على مكافحة الهجرة غير الشرعية، في خطوة لم تكن مفاجئة نظراً لوعوده الانتخابية وامتداداً لسياساته خلال ولايته السابقة.

وفي تحليل* نشرته صحيفة داكار أكتو (Dakaractu.com)، نجد أنه منذ حملته الرئاسية عام 2016، جعل ترامب من الهجرة محور خطابه السياسي. وأصبحت فكرة "الجدار" على الحدود مع المكسيك رمزاً لإدارته، تعبيراً عن رغبته في تأمين الحدود ضد ما يصفه بـ"الهجرة غير المنضبطة". وسرعان ما ترجمت هذه الوعود إلى إجراءات ملموسة، مثل سياسة "عدم التسامح مطلقاً" والقيود المشددة كالأمر التنفيذي 13769 المعروف باسم "حظر المسلمين".

وتثير هذه السياسة التي تعطي الأولوية للنهج الأمني والتقييدي مخاوف متزايدة حول تأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والقانونية. فمن جهة، تشير الإحصاءات إلى أن نحو 11 مليون شخص يعيشون في الولايات المتحدة دون وثائق، معظمهم من المكسيك، ويعمل منهم 8.3 مليون (وفقاً لمركز بيو للأبحاث)، أي ما يعادل 5% من القوى العاملة.

ووفقاً للمجلس الأمريكي للهجرة، فإن طرد العمال غير الموثقين سيكون له تأثير كبير على قطاعات معينة، مع تأثير يتجاوز 30% على مهن مثل عمال البناء والدهان، و25% على عمال النظافة. كما يحذر الخبراء من أن سياسة ترامب للهجرة قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، مما قد يتسبب في تضخم يصل إلى 3.5 نقطة مئوية بحلول عام 2026.

ومن المهم الإشارة إلى أن حوالي 45% من أكبر 500 شركة أمريكية من حيث الإيرادات قد أسسها مهاجرون أو أبناؤهم، و55% من الشركات الناشئة الأمريكية التي تقدر قيمتها بمليار دولار أو أكثر يديرها مهاجرون.

وفي عام 2023، وصل عدد السكان المولودين في الخارج إلى رقم قياسي بلغ 47.8 مليون نسمة، أي 14.3% من السكان الأمريكيين. وتواجه الولايات المتحدة تحديات شيخوخة السكان، مما يعني انخفاضاً في السكان في سن العمل مع ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.

ورغم أن عدد المهاجرين قد وصل إلى مستويات تاريخية، إلا أن النمو السكاني الإجمالي يشهد تباطؤاً بسبب انخفاض معدل المواليد. ووفقاً لتوقعات مكتب الميزانية في الكونغرس، سيشهد عام 2040 عتبة حرجة حيث ستتجاوز الوفيات المواليد.

وتواجه مراسيم ترامب تحديات قانونية كبيرة. فعلى سبيل المثال، يواجه المرسوم الذي يهدف إلى إلغاء حق المواطنة بالولادة معارضة قضائية في عشرين ولاية. كما أن الوكالات الفيدرالية تفتقر إلى المساحة الكافية لاحتجاز المهاجرين المعتقلين، وقد حذرت وكالة الهجرة والجمارك من أنها تحتاج إلى 27 مليار دولار إضافية في السنة الأولى فقط لتنفيذ القانون.

من خلال استهداف حقوق الأقليات ووصم جزء كبير من السكان وتعزيز أجندة أيديولوجية قائمة على القلق من الهجرة والتنوع، تدير الولايات المتحدة ظهرها لماضيها وأصول وجودها. فهل يمكن للبلد أن يستمر إذا تخلى عن مهاجريه، أولئك الذين صنعوه؟ وهل سيبقى الحلم الأمريكي، الذي كان دائماً العلامة المميزة لهذا البلد؟

سارة بوكريدكتوراه في العلوم السياسيةخبيرة في شؤون الهجرة*