لا تصدقوا ترامب: كشف خطة الفوضى والتضليل

أضيف بتاريخ 02/06/2025
عن نيويورك تايمز


لفهم الأسابيع الأولى من ولاية دونالد ترامب الثانية، علينا العودة إلى عام 2019، حين كشف ستيف بانون عن جوهر استراتيجيتهم في حديث مع برنامج "فرونتلاين". قال بانون بوضوح: "وسائل الإعلام هي المعارضة الحقيقية. ولأنهم حمقى وكسالى، لا يمكنهم التركيز إلا على قضية واحدة في المرة... كل ما علينا فعله هو إغراق المنطقة. نهاجمهم يومياً بثلاثة أشياء. سيلتقطون واحداً، وسنفعل كل ما بوسعنا."

هذه الاستراتيجية تتجلى اليوم في كل تحرك لإدارة ترامب. فمنذ عودته إلى البيت الأبيض، أطلق سلسلة من القرارات المتتالية: محاولة إلغاء حق المواطنة بالولادة، تجميد الإنفاق الحكومي، وإطلاق حملة شرسة ضد الموظفين الفيدراليين. لكن هذه القرارات المتسارعة تكشف عن تناقض أساسي: ترامب يتصرف كملك لأنه أضعف من أن يحكم كرئيس.

الواقع السياسي يكشف هشاشة موقفه. فأغلبيته في مجلس النواب لا تتجاوز ثلاثة مقاعد، وفي مجلس الشيوخ 53 مقعداً، وهي أرقام لا تمنحه القوة التشريعية التي يحتاجها. استطلاعات غالوب تضعه عند 47% من التأييد، متخلفاً عن نسبة بايدن في بداية ولايته بعشر نقاط.

في محاولة لتجاوز هذا الضعف، لجأ ترامب إلى إيلون ماسك لتنفيذ خطة جذرية لتغيير الخدمة المدنية الفيدرالية. أرسلت إدارته رسالة إلى ملايين الموظفين الفيدراليين تعرض عليهم "إجازة مدفوعة" حتى سبتمبر مقابل استقالتهم. لكن هذه الخطوة، التي تستهدف ما يسميه "الدولة العميقة"، أظهرت جهلاً عميقاً بتعقيدات النظام الحكومي.

فالخدمة المدنية الفيدرالية ليست مجرد بيروقراطية سياسية. 16% من موظفيها يعملون في القطاع الصحي، كأطباء وممرضين في إدارة شؤون المحاربين القدامى. إدارة الضمان الاجتماعي وحدها تضم 59,000 موظف. تقويض هذا النظام دون خطة بديلة يهدد بانهيار الخدمات الأساسية للمواطنين.

النتائج الأولية تشير إلى فشل هذه الاستراتيجية. في آيوا، فاز الديمقراطيون بمقعد في معقل جمهوري تقليدي. وبدلاً من إضعاف المعارضة، وحّدها ترامب. وبدلاً من تخويف الموظفين الفيدراليين، أثار مقاومتهم.

الدرس الأساسي هنا بسيط: استراتيجية "إغراق المنطقة" تجبر صاحبها على المبالغة والتجاوز المستمر. وفي النهاية، إما أن تكشف ضعفه أو تدفعه نحو أزمة دستورية.

الخطر الحقيقي ليس في قوة ترامب الفعلية، بل في تصديقنا لادعاءاته بالقوة المطلقة.