الفكرة الجديدة للرئيس دونالد ترامب – بنقل مليوني فلسطيني من غزة الى كل مكان يكون مستعدا لان يستقبلهم وتحويل القطاع على شاطيء البحر المتوسط الى موقع سياحي جذاب لن تتحقق. على الأقل في محيط ترامب يعرفون هذا جيدا. لن تنقل أي شاحنات سكان فلسطينيين من هذا القطاع المكتظ والمدمر الى دول الخليج وبالتأكيد ليس الى دول مثل مصر والأردن الفقيرتين.
ان التعلق بامريكا عظيم، لكن تماما مثلما نحن متعلقين بها ومع ذلك لن نفعل باي حال أمورا تطلبها منا وتتناقض في نظرنا مع المصلحة القومية الإسرائيلية – هكذا أيضا لهذه الدول توجد كرامة ذاتية ومصالح خاصة بها. ترامب هو رئيس “خذ واعطِ” وبهذه الطريقة هو يرى العالم: اذا كنت تريد شيئا ما مني فقل لي أي مقابل سأحصل عليه منك، إذ لا توجد هدايا بالمجان. لكن طلب ترك البيت، حتى لو كان مدمرا، مقابل مساعدة مالية هو خطوة كلاسيكية من الاصبع في العين. خطوة ترامب هي ضرر صاف. لإسرائيل أيضا، التي جيرتها للفلسطينيين حرجة لمستقبلها.
وأكثر من هذا – الولايات المتحدة موقعة على اتفاق أوسلو الذي يرى الضفة الغربية وغزة كشطرين من كيان سياسي واحد. لا يمكن لترامب ان ينهض ذات صباح ليقول انه سيجعل غزة فندقا، دون أن يسأل القيادة الفلسطينية الشرعية الوحيدة اذا كان هذا مقبولا منها – بعد 18 سنة من اخذ حماس غزة من يدها، عدوها الأكبر. معقول الافتراض بان موضوع تقسيم بلاد إسرائيل الغربية (الذي يشكل شرطا لدول اتفاقات إبراهيم واساسا دول الخليج لاعمار قطاع غزة وربما لادارته مؤقتا أيضا طرح في محادثات ترامب – نتنياهو هذا الأسبوع. معقول الافتراض بان ترامب ذكر نتنياهو بخطابه في بار ايلان في 2009، حين أيد إقامة دولة فلسطينية مجردة من السلاح؛ خطاباته السنوية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي كرر فيها تأييده لحل الدولتين. دعمه الحماسي قبل خمس سنوات لخطة السلام الامريكية لتحقيق حل الدولتين.
اذا كان ترامب يريد حقا أن يساعدنا في ان يعالج بجدية النزاع الطويل – نقترح عليه أن يبذل جهوده في ابعاد حكم حماس عن غزة وإقناع نتنياهو باقتراح افق سياسي والعودة الى إقامة دولة فلسطينية. خير يفعل أيضا اذا ما اقنع يئير لبيد منح شبكة امان طالما كانت مفاوضات جدية مع الفلسطينيين وبالتالي السماح أيضا بحل المشكلة الديمغرافية بإسرائيل وضم السعودية الى اتفاقات إبراهيم. أولئك بيننا ممن يعتقدون انه جاء لنا الخلاص وان ترامب يوشك على تحقيق أحلام اليمين المتطرف بتوزيع الفلسطينيين على 22 دولة عربية لا يفهمون بان هذه رؤيا ليس لها أي احتمال للتحقق. لكن لما كان لا شك للفلسطينيين باننا نقف خلفها، فان من شأنها ان تشدد الكراهية بين الشعبين وتكلفهما الدم.