عندما اعتقلت السلطات الجزائرية الكاتب بوعلام صنصال في 16 نوفمبر 2024، كان قد أصدر للتو كتابه "لنتحدث عن الفرنسية!"، الذي كتب فيه: "إذا كانت الحياة، كما أعتقد، تنبع من السحر، فالسؤال المخيف هو: ماذا نفعل إذا انطفأ السحر؟ هل نستسلم للموت؟ لكن كيف سنعرف أنه قد اختفى؟" هذا ما كتبته بيرينيس ليفيه، الدكتورة في الفلسفة وعضو لجنة دعم بوعلام صنصال، في مقال نُشر في صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية.
من زنزانته اليوم، هل ما زال صنصال يؤمن بالسحر؟ هل ما زال يثق بالفرنسيين الذين يعرفهم جيداً في عظمتهم وضعفهم؟ هو الذي يراهم "مفلسين فكرياً وأخلاقياً" لكنه لم ييأس منهم أبداً كلياً. وآخر كتبه يشهد على ذلك - بمثابة تذكير أخير قبل أن يلقي "مصفّو اللغة الفرنسية" التراب الأخير على ما يعتبره كنزاً من كنوز حضارتنا.
يشكل اعتقال صنصال اختباراً لفرنسا. والمشهد الذي نقدمه مخزٍ حقاً. هل ندرك ما يحدث له وما يحدث لنا؟ رجل في السجن بسبب كتاباته وكلماته، وفرنسا تقف مكتوفة الأيدين. يبدو أن العلاقة بين بوعلام صنصال وفرنسا كانت دائماً، وبشكل مؤسف، في اتجاه واحد. هو لم يتوقف عن الاهتمام بنا، عن أخذ ما يسميه بحق "غضب الشعب الوجودي" على محمل الجد، عن تذكيرنا بالكنوز التي نملكها والتي نسمح لأنفسنا بالتخلي عنها.
اللغة الفرنسية، بالنسبة لصنصال، ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي "حجر الزاوية في البناء الرمزي الوطني"، رابط يجمع الشعب، وتحديداً بفضل جذورها في الماضي وعمقها التاريخي. يقول: "كلما أتقن بلد لغته وعتنى بها بشغف البستاني العاشق لنباتاته، كلما تنفس القوة، وغذى خلاياه العصبية، وشحذ نظرته وذكاءه، وخياله وحدسه، وفي النهاية عزز شخصيته."