"إن العدالة الاجتماعية ليست مجرد شعار سياسي، بل هي ضرورة اقتصادية واجتماعية لبناء مجتمع متوازن ومستدام."
تشكل العدالة الاجتماعية محوراً أساسياً في النقاش السياسي المغربي المعاصر، حيث تتجلى كقيمة مرجعية تحظى بإجماع مختلف التيارات السياسية على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية. وتبرز أهمية هذا المفهوم خاصة في فترات ما قبل الانتخابات، حيث تتسابق الأحزاب في تقديم رؤاها وبرامجها الاجتماعية.
وكما يشير الباحث والخبير الاقتصادي المغربي العربي الجعيدي في دراسته، فإن مفهوم العدالة الاجتماعية يتخذ أبعاداً متعددة في الخطاب السياسي المغربي. فبينما يراها البعض كضمان للحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، يعتبرها آخرون آلية لإعادة توزيع الثروة عبر السياسات الضريبية والاجتماعية.
وتتباين المقاربات الحزبية للعدالة الاجتماعية وفقاً لمرجعياتها الفكرية، فالأحزاب الليبرالية تربطها بتخفيف أعباء الدولة والضرائب، بينما تركز الأحزاب ذات التوجه الاشتراكي والإسلامي على حماية الفرد من المخاطر الاجتماعية. وتظل العلاقة بين الحرية والمساواة جوهر النقاش حول العدالة الاجتماعية.
غير أن الملاحظ أن هذه الاختلافات النظرية تتلاشى عندما تصل هذه الأحزاب إلى مواقع المسؤولية، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول فعالية السياسات العمومية في معالجة التفاوتات الاجتماعية. ويبقى التحدي الأكبر في إيجاد معايير واضحة وعملية للتمييز بين التفاوتات المقبولة وغير المقبولة.
إن المجتمع الديمقراطي لا يعني بالضرورة مجتمعاً متجانساً، لكنه يتطلب أن تكون الفوارق الاجتماعية مبررة بعوامل موضوعية كالكفاءة والجهد والعمل، وأن تكون نتيجة لعمل الفرد وليس لعوامل خارجة عن إرادته.