خرافة الدماغ كجهاز كمبيوتر: لماذا يتحدى عقلنا المنطق الحاسوبي

أضيف بتاريخ 03/10/2025
مدونة المَقالاتيّ


على مدى أكثر من نصف قرن، هيمنت استعارة مؤثرة على فهمنا للدماغ البشري: مقارنته بجهاز الكمبيوتر. ولكن كما يوضح عالم النفس روبرت إبشتاين في تحليله المنشور في مايو 2016، فإن هذه المقارنة خاطئة جوهرياً وقد تعيق التقدم في علوم الأعصاب.

وخلافاً للمعتقدات الشائعة، لا يخزن دماغنا المعلومات كما يفعل الكمبيوتر. وكما أظهرت العديد من الدراسات العصبية، بما فيها دراسة أجراها عالم النفس العصبي براين ليفين من جامعة تورونتو، فإن حتى أبسط الذكريات تتطلب تنشيط مناطق متعددة من الدماغ. فعند استرجاع ناجين لذكريات حادث طائرة، لاحظ الباحثون نشاطاً عصبياً متزايداً في مناطق مختلفة من الدماغ، من اللوزة العصبية إلى القشرة البصرية.

يتجلى هذا الواقع بشكل مثالي من خلال تجربة بسيطة: اطلب من شخص ما رسم ورقة نقدية من الذاكرة، ثم رسمها مع وجود النموذج أمامه. الفرق الملحوظ بين الرسمين يكشف أن دماغنا لا "يخزن" الصور، بل يتحول من خلال تجاربنا ليمكننا من تصور الأشياء والتعرف عليها.

كما يشرح أنتوني كيميرو من جامعة سينسيناتي في كتابه "علم المعرفة المتجسد الراديكالي" (2009)، يرفض بعض العلماء الآن تماماً فكرة أن الدماغ يعمل كجهاز كمبيوتر. وتظهر رؤية جديدة تعتبر الذكاء تفاعلاً مباشراً بين الكائن الحي وبيئته، بدلاً من معالجة حسابية للمعلومات.

هذا المنظور يتجلى بشكل خاص في أبحاث مايكل مكبيث وزملائه، المنشورة في مجلة العلوم عام 1995، حول كيفية التقاط لاعب البيسبول للكرة. فبدلاً من عملية معقدة من الحسابات والنمذجة الداخلية، أظهروا أن اللاعب يحافظ ببساطة على علاقة بصرية ثابتة بين الكرة ومحيطه.

إن إعادة النظر في الاستعارة الحاسوبية لها تداعيات عميقة. فتنبؤات راي كورزويل أو ستيفن هوكينج المستقبلية حول تحميل الوعي البشري في جهاز كمبيوتر تبدو مستحيلة، لأن دماغنا لا يحتوي على "برنامج وعي". كل دماغ فريد من نوعه، تشكل من خلال حياة من التجارب الفريدة، كما أثبت السير فريدريك بارتليت في أبحاثه عن الذاكرة منذ عام 1932.

هذه الفردية تشكل تحدياً كبيراً لعلماء الأعصاب. كما يؤكد عالم الأعصاب ستيفن روز في كتابه "مستقبل الدماغ" (2005)، فإن فهم عمل الدماغ لا يتطلب فقط معرفة حالة 86 مليار خلية عصبية وترابطاتها، بل أيضاً التاريخ الكامل لكل فرد وسياقه الاجتماعي.

تتجلى عواقب هذه الرؤية الخاطئة بالفعل في بعض المشاريع الطموحة. فمشروع الدماغ البشري التابع للاتحاد الأوروبي، بميزانية 1.3 مليار دولار، واجه صعوبات كبيرة في محاولة محاكاة دماغ بشري كامل على الكمبيوتر.