تشهد الساحة الاقتصادية الأمريكية تحولاً ملحوظاً في استراتيجيتها التجارية، حيث يسعى صناع القرار إلى إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية. وتتمحور هذه الاستراتيجية حول تعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية وتحسين الميزان التجاري الأمريكي.
وفقاً لتحليل أجراه باحثون في معهد كولونيا الاقتصادي، تركز السياسة الجمركية الأمريكية على ثلاثة محاور استراتيجية. يتمثل المحور الأول في تشجيع الشركات الأجنبية على إنشاء مصانع داخل الولايات المتحدة. غير أن خبيرة التجارة الخارجية سميرة سلطان تشير إلى أن حالة عدم اليقين في السياسات الجمركية تعيق تحقيق هذا الهدف، إذ يحتاج المستثمرون إلى رؤية استراتيجية واضحة وطويلة المدى.
أما المحور الثاني فيتعلق بتعزيز الإيرادات الحكومية من خلال الرسوم الجمركية على الواردات. لكن هذا الهدف يتعارض مع المحور الأول، حيث أن نجاح سياسة جذب الاستثمارات الصناعية سيؤدي حتماً إلى انخفاض عائدات الرسوم الجمركية.
ويركز المحور الثالث على معالجة العجز في الميزان التجاري الأمريكي. ويوضح البروفيسور فولكر فيلاند، الخبير الاقتصادي، أن السعي لتحقيق توازن تجاري مع كل دولة على حدة أمر غير عملي، إذ يتعارض مع مبادئ التقسيم الدولي للعمل وكفاءة التجارة العالمية.
وتضيف سميرة سلطان أن العجز التجاري الأمريكي يعكس حقيقة أن الولايات المتحدة مستورد صافٍ لرأس المال، مما يعني أن تدفق الاستثمارات الأجنبية يفوق حجم العجز في الميزان التجاري السلعي.