مؤرخ إسرائيلي : هكذا أضعنا سورية

أضيف بتاريخ 04/24/2025
المؤرخ الاسرائيلي ايال زيسر| إسرائيل اليوم


أحمد الشرع، الجهادي المتقاعد يحاول تثبيت مكانته كرئيس سوريا – لقب توج نفسه به بعد أن استولى على الحكم. العالم العربي يؤيده، على امل أن يكمل قطع سوريا عن ايران ويعيدها الى حضن العالم العربي.

إسرائيل مقتنعة أن امامنا جهادي، غلف نفسه بجلد خروف، ولهذا فهي تصعد اعمالها العسكرية في سوريا –مزيد من التصريحات القتالية، أراض يستولي عليها الجيش الإسرائيلي وهجمات من الجو. لكن يخيل أن السؤال من سيحكم في سوريا قد حسم في مكان آخر: في البيت الأبيض، لدى زعيم العالم دونالد ترامب.

لقد حصل الامر بالذات في اثناء لقاء عقده الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. نتنياهو جاء لان يشكو امام ترامب من الدور المتزايد لتركيا في سوريا، وعلى هذا رد ترامب بجملة ماحقة: “لي علاقات ممتازة مع اردوغان. انا احبه جدا، وهو معي. ولهذا قلت لبيبي: اذاكانت لك مشاكل مع تركيا فيمكنني أن اساعدك في حلها –لكن فقط اذا كنتم منطقيين”. كانت هذه مجرد البداية لاعلان آخر للرئيس الأمريكي وبموجبه “سوريا هي لاردوغان“. فالرئيس التركي نجح في السيطرة على سوريا، الامر الذي لم ينجح أي زعيم في عمله منذ الفي سنة.

سوريا لا تهم ترامب حقا. هو يرى فيها “مكان موت ورمل ونزاعات قبلية ليس للولايات المتحدة فيها مصلحة”. ولهذا فقد عين اردوغان كمقاول تنفيذ في كل ما يتعلق بالمصالح الأمنية في سوريا. عليه أن يتأكد من ان تكون هذه الدولة نقية من الإرهاب، واساسا الا ينبعث داعش فيها مجددا والا يعود الإيرانيون اليها. كل ما تبقى هي ملاحظات هامشة. مسألة الأقليات الكردية في الدولة، وكذا مخاوف إسرائيل من دور تركيا في سوريا، مخاوف لا تشغل بال ترامب. “تعيين” ترامب لاردوغان “حاكم سوريا” هو فرصة طيبة لإسرائيل في إعادة احتساب المسار وفحص وإصلاح سياستها في سوريا في اعقاب سقوط نظام بشار الأسد – سياسة لم تجلب لها أمنا بل اغرقتها في عقدة من المشاكل الجديدة التي القسم الأكبر منها هو من فعل أيدينا.

الصدمة التي تعيشها إسرائيل منذ 7 أكتوبر حل محلها إحساس عظمة في أنه يمكننا أن نفعل كل ما يروق لنا، في اعقاب إنجازاتنا في الحرب وهذه قادتنا الى سياسة هجومية بل وقتالية في سوريا: احتلال أراض في داخل سوريا – لا تضيف امنا بل فقط تجر احتكاكا مع السكان المحليين؛ تصريحات زائدة وفارغة حول تحويل جنوب سوريا الى منطقة مجردة لا نسمح فيها بوجود قوات مسلحة؛ او تصريحات حول استعدادنا لمساعدة الدروز في هذه الدولة، رغم انهم لا يريدون مساعدتنا على الاطلاق. في الأسابيع الأخيرة أضيفت الى كل هذا هجمات جوية على كل قاعدة أو موقع يعتزم السوريون تسليمه لتركيا كي تنشر فيه القوات.

هكذا تسير إسرائيل وتغرق في تدخل عسكري في سوريا من شأنه أن يدهورنا الى احتكاك بل الى مواجهة، مع السكان المحليين ومع النظام في دمشق بل ومع الاتراك. وفي هذه الاثناء اصبحنا مسألة مركزية على جدول الاعمال السوري، وثبتنا لانفسنا صورة عدو عدواني يسعى الى هز الاستقرار في سوريا والدفع الى انهيارها وتقسيمها. رغم أنه في البداية رأى الكثيرون في سوريا في إسرائيل عنصرا إيجابيا، بفضل الضربات التي اوقعناها على ايرانوعلى حزب الله، كريهي روحهم.

مبررة هي مخاوف الإسرائيليين مما من شأنه أن يقع في سوريا، وعلينا أن نبقي على عيون مفتوحة. لكن في نفس الوقت علينا ان نتذكر بان المحاولة الإسرائيلية منع تركيا، التي لها تأكيد امريكي، من السيطرة في سوريا محكومة بالفشل. على إسرائيل أن تحاول فتح قنوات اتصال مع دمشق، واساسا مع تركيا، بوساطة الولايات المتحدة – وكذا اربيجان، الدولة الصديقة التي هرعت لمساعدتنا، والتوصل الى تفاهمات قد لا تستجيب لكل مطالبنا، لكنها ستمنع احتكاكا وانزلاقا الى مواجهة لا تريدها لا إسرائيل ولا تركيا.