في السنوات الأخيرة، شهدت اللغة العربية إلى جانب العديد من اللغات الأخرى تراجعاً ملحوظاً في استخدام الفاصلة المنقوطة (؛) في الكتابات الحديثة، سواء في الصحافة أو في التأليف الأدبي وحتى في المراسلات اليومية. هذه العلامة التي طالما اعتُبرت رمزاً للأناقة والدقة في الكتابة، بدأت تفقد مكانتها تدريجياً لصالح علامات ترقيم أبسط وأكثر مباشرة مثل النقطة أو الفاصلة.
يرى بعض اللغويين أن هذا الانحسار يعود إلى تطور أساليب التواصل الإلكتروني وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يميل المستخدمون إلى الاختصار والوضوح، ما يجعلهم يفضّلون الاستعانة بعلامات ترقيم أسهل وأسرع في الاستخدام. كما أن الشريحة الواسعة من الشباب - وهم الفئة الأكثر تفاعلاً مع الشبكة - غالباً ما تجهل القواعد الدقيقة لاستخدام الفاصلة المنقوطة أو تعتبرها عنصراً زائداً يمكن الاستغناء عنه دون التأثير على الفهم.
من جهة أخرى، يحذّر بعض الأكاديميين من أن تلاشي استخدام هذه العلامة قد ينعكس سلباً على جودة النصوص ودقتها، إذ تساهم الفاصلة المنقوطة في تنظيم الأفكار داخل الجمل الطويلة وإضفاء طابع منسق على النصوص الرسمية والأدبية. ويشيرون إلى أن فقدان هذه الأداة قد يفتح الباب أمام اللبس والغموض خاصة في النصوص التحليلية أو القانونية.
وسط هذا النقاش، تبقى الفاصلة المنقوطة علامة فارقة في تاريخ الكتابة؛ وقد يصبح الحفاظ عليها مسؤولية كل محب للغة وجمالياتها. فهل سنرى يوماً عودة قوية لهذا الرمز الأنيق، أم أن التطور الرقمي سيحوّله إلى ذكرى من الماضي؟