في عالم يسير بخطى متسارعة نحو التحضر والتغيير، اختار المصور البرازيلي الشهير سيباستياو سالغادو أن يعود بنا إلى الوراء، ليأخذنا في رحلة بصرية آسرة نحو كوكب الأرض كما كان قبل أن تطاله يد الإنسان الحديثة. مشروع "جينيسيس" لم يكن مجرد تجربة فوتوغرافية، بل كان ملحمة استكشافية استغرقت ثماني سنوات وجاب خلالها أكثر من 32 دولة، باحثاً عن الجمال البكر الذي لم تفسده الحضارة.
عدسة سالغادو التقطت مشاهد تخطف الأنفاس من الأنهار الجليدية الضخمة في القطب الشمالي، إلى أعماق الصحارى البركانية الإفريقية، ومن أعالي جبال أمريكا الجنوبية إلى سهول سيبيريا المتجمدة. لم تكن الصور مجرد مناظر طبيعية، بل احتوت على قصص مجتمعات بشرية ما زالت تعيش بتناغم مع الطبيعة، مثل قبائل الكورواي في بابوا الغربية وشعب النينيتس في الدائرة القطبية.
تمحورت رسالة سالغادو في "جينيسيس" حول تحفيز الإنسانية على إعادة التفكير بعلاقتها مع الطبيعة الأم، وتقدير الجمال الذي يوشك على الزوال بفعل التوسع الحضري والصناعي. عبر صوره ذات التدرجات الرمادية المعبرة، بعث سالغادو نداءً بيئياً عاجلاً: هذا هو الكوكب الذي يجب أن نحافظ عليه للأجيال القادمة، وهذا هو التراث الطبيعي الذي ينبغي ألا نسمح بزواله.