في حدث أثار اهتمام الأوساط الأثرية العالمية، أعلنت بعثة أثرية صينية عن اكتشاف مقبرة ضخمة تعود إلى ما قبل خمسة آلاف عام في موقع وانغتشوانغ بمقاطعة خنان وسط الصين. هذا الاكتشاف الذي وُصف بأنه من "أهم الاكتشافات الأثرية لعام 2023"، قد يغير فهمنا لتاريخ الحضارات في شرق آسيا.
المقبرة، المعروفة باسم M27، اتّسمت بحجمها الكبير وتصميمها المميز، حيث بلغت مساحتها أكثر من 17 مترًا مربعًا، وتضمنت تابوتًا خشبيًا فريدًا مزدوج الطبقات. تفيد الدراسات الأولية أن من دُفن فيها لم يكن شخصًا عاديًا، بل يُعتقد أنه ملك أو قائد ذو مكانة رفيعة في مجتمع "داوِنكو"، إحدى أقدم الثقافات المعروفة في الصين والتي ازدهرت بين عامي 4000 و2600 قبل الميلاد.
إضافة إلى الحجم اللافت للمقبرة، عثر الباحثون داخلها على أكثر من 350 قطعة أثرية متنوعة بين الأدوات المصنوعة من الجاد والذهب والفخار والعظام، إلى جانب بقايا حيوانات كانت تقدم كقرابين، مما يعكس ثراء ورفاهية هذا المجتمع. كما تشير هذه الاكتشافات إلى وجود نظام طبقي متطور، حيث كان يُدفن أصحاب المكانة العالية في قبور فخمة مع مقتنيات ثمينة.
ويؤكد علماء الآثار أن أهمية هذا الموقع لا تقتصر على الأبعاد المحلية فقط، بل تظهر دلائل واضحة على وجود تفاعل وتبادل ثقافي بين حضارة "داوِنكو" ومناطق أخرى كحوض نهر اليانغتسي وسهول وسط الصين. كما أن حجم وتخطيط الموقع، الذي يغطي أكثر من 120 ألف متر مربع، يعزز الفرضية بأنه كان مركزًا سياسيًا وإداريًا لإحدى أقدم الممالك في التاريخ الصيني.
ويخطط الباحثون لمواصلة أعمال التنقيب، حيث يتوقع أن تكشف الدراسات القادمة عن ورش لصناعة الآثار ومناطق سكنية كانت تحيط بهذا المركز الجنائزي الملكي، ما قد يوفر رؤية أعمق لحياة الناس وتنظيمهم الاجتماعي قبل آلاف السنين.