أثار الكشف عن تمثال بالحجم الطبيعي للزعيم السوفييتي جوزيف ستالين في محطة مترو "تاغانسكايا" وسط موسكو موجة واسعة من الجدل والانقسام بين الروس. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذه الخطوة تمثل تكريماً "مستحقاً" لقائد حقق انتصارات تاريخية خلال الحرب العالمية الثانية، يعتبرها آخرون محاولة خطيرة لإحياء حقبة سوداء طبعتها المآسي والانتهاكات القمعية بحق الملايين.
التمثال الجديد الذي جُسد وسط حشد من المواطنين السعداء، بحسب التصميم الأصلي من خمسينيات القرن الماضي، أعاد إلى الواجهة نقاشاً مزمناً حول مكانة ستالين في الوعي الروسي. فرغم دوره البارز في هزيمة النازية، إلا أن سجله الدموي في القمع السياسي والتطهير الجماعي لا يزال جرحاً مفتوحاً في ذاكرة كثير من العائلات الروسية.
تأتي إعادة نصب التمثال في ظل توجه رسمي متزايد نحو إعادة تأهيل رموز الحقبة السوفييتية، هي سياسة أصبح يصفها مؤرخون ونشطاء حقوقيون بأنها خطوة متعمدة لإعادة كتابة التاريخ وتجميل صورة الماضي، خصوصاً في أجواء سياسية مشحونة تسعى فيها القيادة الحالية إلى تعزيز الشعور الوطني وربط حاضر روسيا بأمجادها السابقة.
من جهة أخرى، لم يتردد معارضو هذه المبادرة في التعبير عن سخطهم، حيث لصقت على التمثال لافتات تحمل شهادات عن القمع الستاليني، كما أطلقت عدة منظمات حملات إلكترونية للمطالبة بإزالته معتبرة تواجده إهانة لضحايا القمع ورسالة خطيرة للأجيال الجديدة.
تجدد هذه الحادثة صراع الروس مع ذاكرتهم التاريخية: فهل يصبح ستالين رمزاً للوحدة الوطنية أم يظل اسمه مرادفاً للمعاناة والدموع؟ في كل الأحوال، تبقى محطة "تاغانسكايا" شاهداً بارزاً على انقسامات المجتمع الروسي وحيرته بين تمجيد الماضي وتحمل تبعاته.