عثر فريق من علماء الآثار في مدينة ستراتونيكيا، التي تُعرف بمدينة الرخام ومسرح المصارعين، على مكتبة رومانية نادرة تتميز بتصميم معماري فريد من نوعه في الأناضول. وتعود المكتبة إلى القرن الرابع الميلادي، حيث تبرز أرضياتها المغطاة بالفسيفساء الملونة رسوماً هندسية ونباتية بديعة، تحمل نقوشاً تكشف عن هوية الفنان الذي صنعها: حرفي بارع من مدينة أفسس، التي اشتهرت في العصور القديمة بمهارة معمارييها وروعة مبانيها.
تعد هذه المكتبة من أكبر المكتبات المكتشفة حتى اليوم، وتتميز عن غيرها بتخطيطها الفريد الذي لم يُعثر على مثيل له في المنطقة. وتكشف الفسيفساء، فضلاً عن جمالها، عن معلومات تاريخية مهمة حول بناء المكتبة وعلاقة المدينة بالمراكز الحضارية الكبرى في الأناضول. وتوضح الاكتشافات الجديدة كيف كانت ستراتونيكيا، الواقعة عند تقاطع أربعة شوارع رئيسية، مركزاً ثقافياً وعمرانياً مهماً، شهد تحولات سياسية ودينية عميقة بدءاً من العصر الهلنستي ومروراً بالحقبة الرومانية ووصولاً إلى العصر البيزنطي.
ما زالت أعمال التنقيب مستمرة، ويتم ترميم الفسيفساء والمبنى بعناية، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم تطور المدن القديمة والتبادل الفكري والحضاري بين مدن الأناضول عبر العصور.