رضا كاتب: هُوية مُركبة وقوة الحوار في زمن الاستقطاب

أضيف بتاريخ 07/13/2025
منصة المَقالاتيّ


في حديث مع رضا كاتب، يُطل علينا بمواقف تبتعد عن الخطابات السائدة، ليقدّم فهماً مركباً للوضع الراهن في فرنسا وعلاقتها بجذورها الأفريقية والجزائرية. ينطلق كاتب من تجربته الشخصية، فهو ابن عائلة مثقفة هاجرت من الجزائر خلال "العشرية السوداء"، ويحمل على عاتقه إرثاً ثقافياً وإنسانياً يمنحه وضوحاً استثنائياً في قراءة تعقيدات هويته كوَرِيث لعالمين: الجزائر وفرنسا. بالنسبة إليه، ليس هناك ضرورة "للخجل من امتلاك أصول وصيغة مواطَنة فرنسية في آن"، بل يرى أن هذه التعددية تشكل ثروة داخلية ووسيلة للاندماج دون انسلاخ أو ذوبان.

يستحضر كاتب كلمات عمه الشاعر ياسين كاتب التي تؤكد أن المغرب الكبير بجذوره أمازيغية وأفريقية، وأن الهويات في شمال أفريقيا ارتبطت طويلاً بجنوب الصحراء قبل التأثيرات القادمة من المشرق. في تجربته الموسيقية والثقافية، يربط بين هذه الجذور، مشيراً إلى أن لقاء الحضارات لم يكن مجرد شعار بل واقع ملموس. ومن هنا ينبع دفاعه عن محاربة كل أشكال الانغلاق والهويات المنغلقة.

في تحليله للعلاقات بين الجزائر والمغرب، يرفض كاتب اختزال الخلافات في صراعات بين الشعوب. ويؤكد أن الخصومة تعود إلى خيارات القيادات السياسية، بينما تبقى العلاقات الإنسانية بين الشعبين، برأيه، علاقات أخوة كاملة. ويرى أن الاعترافات السياسية الفرنسية "جزئية وانتهازية" وترتبط في جزء كبير منها باعتبارات دبلوماسية أكثر من ارتباطها بحقيقة الاعتراف بالتاريخ أو تحقيق العدالة.

بالحديث عن تصاعد الإسلاموفوبيا والعنصرية، يلاحظ كاتب أن "تطبيع الخطاب العنصري في الإعلام والسياسة" حول العنصرية إلى سلوك عادٍ. هذا يسمح بتحول الكلمات إلى أفعال خطيرة. يدعو إلى الكفّ عن الجدل حول تعريف المصطلحات والوصف الحقيقي للتمييز: إنه ببساطة عنصرية.

أما عن صعود اليمين المتطرف، فيسجل كاتب قلقه من أثر ذلك على الحرية الثقافية والحياة اليومية للناس قبل القلق على حرية الفنانين. ومع ذلك، يصر على أن القدرة على المقاومة والإبداع ستظل ممكنة حتى وسط التغييرات السياسية الكبرى، وأن صمود الكلمة والحوار أعظم من "سيف الخطاب الأحادي".

ينهي رضا كاتب الحوار بدعوة لانفتاح الإنسان على أصوله وتاريخه دون تبرير أو خجل. هو يؤمن بأن العودة إلى الجذور ليست بالضرورة دينية أو محافظة، بل يمكن أن تكون تجربة وجودية حرة تصنعها خيارات الفرد نفسه. في زمن الاستقطاب والانغلاق، يقترح كاتب أن الانتماء المعقد متعدد الأبعاد يمكن أن يكون قوة أخلاقية ورافعة ثقافية تتيح للمجتمع مواجهة الانقسامات وتحقيق العيش المشترك.