شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف المنسوبة إلى جماعات يهودية متطرفة في الضفة الغربية، حيث تتكرر الهجمات التي تستهدف الممتلكات والأرواح، مع غياب شبه تام للمحاسبة القانونية. حالة عائلة أزار في قرية الطيبة القريبة من رام الله تمثل نموذجًا لهذا الواقع؛ فقد تعرّضت العائلة لهجوم ليلي أسفر عن إحراق سيارتهم، في ظل مخاوف من تكرار مأساة عائلة دوابشة التي لقيت مصرعها حرقًا عام 2015 في هجوم مماثل.
التقارير الحقوقية تشير إلى تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب. مركز روسينغ الإسرائيلي يوثّق أكثر من مئة حالة اعتداء أو مضايقة ضد المسيحيين في إسرائيل والقدس الشرقية خلال عام واحد فقط. كما يُظهر رصد منظمة "يش دين" أن أقل من 3٪ من ملفات التحقيق المتعلقة بالعنف الاستيطاني بين عامي 2005 و2020 انتهت بإدانة جنائية، فيما أغلقت الغالبية العظمى من الملفات دون محاسبة.
هذا الوضع أدى إلى مخاوف متصاعدة من تحول الصراع السياسي الفلسطيني-الإسرائيلي إلى نزاع ذي طابع ديني، خاصة مع تولي شخصيات متشددة مناصب حكومية مؤثرة في إسرائيل. ويبدو أن التوازن الدقيق الذي كان يحافظ عليه في الأماكن الدينية المقدسة يواجه تآكلًا تدريجيًا، ما يهدد النسيج الاجتماعي ويقلّص من فرص التفاهم والحوار.
مستقبل المسيحيين الفلسطينيين يزداد قتامة. رغم الأدوار الحيوية التي يلعبونها في المجتمعات المحلية، فإن استمرار العنف والمضايقات يضغط نحو هجرة المزيد منهم، مما ينذر بتحوّل الكنائس والمقدسات إلى معالم تاريخية تخلو من روادها. وفي ظل عدم التوصل إلى حل سياسي يعيد الأمل بسلام عادل للجميع، تزداد التساؤلات حول مدى قدرة القوى الدولية والإقليمية على حماية ما تبقى من التنوع الديني في هذه الأرض.