موردخاي فعنونو: ابن مراكش الذي هزّ العالم بكشفه النووي

أضيف بتاريخ 06/05/2025
مدونة مْرّاكْش

وُلد موردخاي فعنونو سنة 1954 في مدينة مراكش المغربية، وسط أسرة يهودية متدينة عاشت في أحد أحياء المدينة القديمة (الملاح). هاجرت عائلته إلى إسرائيل سنة 1963، حيث استقرت في مدينة بئر السبع، وكان عمره آنذاك عشر سنوات فقط. منذ طفولته، عُرف فعنونو بذكائه وفضوله، وهو ما دفعه لاحقاً إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ثم العمل في مفاعل ديمونة النووي الشهير في صحراء النقب.



في ديمونة، بدأ فعنونو مسيرته كمتدرب تقني سنة 1977، ليجد نفسه في قلب أحد أكثر البرامج النووية سرية في العالم. خلال تسع سنوات من العمل، تعمقت معرفته بتقنيات تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم، واطلع على أسرار عسكرية هائلة حول الترسانة النووية الإسرائيلية. بعيداً عن عمله، التحق بجامعة بن غوريون لدراسة الفلسفة والجغرافيا، وهناك تأثر بالأفكار المناهضة للحرب وأصبح أكثر تعاطفاً مع القضية الفلسطينية، ما جعله هدفاً للشكوك داخل المؤسسة الإسرائيلية.

في عام 1985، وبعد أن علم أنه سيفقد عمله، قرر فعنونو أن يكشف للعالم ما كان يجري في ديمونة. قام سراً بتصوير أجزاء حساسة من المفاعل بكاميرا صغيرة، وهرّب الصور معه إلى أستراليا. هناك، اعتنق الديانة المسيحية وانضم لحركات مناهضة للأسلحة النووية. أقنعه صحفي بريطاني بنشر ما لديه من وثائق، فسافر إلى لندن حيث التقى فريق صحيفة وسلمهم الصور والمعلومات، التي أكدت أن إسرائيل تملك ترسانة نووية ضخمة ومتقدمة، تتجاوز بكثير ما كان يعتقده المجتمع الدولي.

أثار هذا الكشف ضجة عالمية، وأكد شكوكاً قديمة حول امتلاك إسرائيل أسلحة دمار شامل. لم تدم حرية فعنونو طويلاً، إذ تمكن الموساد من استدراجه إلى روما عبر عميلة حسناء (شريل بين توف)، حيث تم تخديره ونقله سراً إلى إسرائيل. هناك، خضع لمحاكمة سرية بتهمة الخيانة العظمى وإفشاء أسرار الدولة، وصدر عليه حكم بالسجن لمدة 18 عاماً، قضى منها 11 عاماً في الحبس الانفرادي.

بعد الإفراج عنه سنة 2004، لم ينعم فعنونو بالحرية الكاملة، إذ فرضت عليه السلطات الإسرائيلية قيوداً مشددة: منع من السفر أو الحديث مع الصحافة الأجنبية، وظل تحت المراقبة الدائمة. رغم ذلك، أصبح رمزاً للنضال من أجل الشفافية ونزع السلاح النووي، ورُشح عدة مرات لجائزة نوبل للسلام، كما اعتبرته منظمات حقوق الإنسان "سجين ضمير" ودافعت عنه في المحافل الدولية.

حصل فعنونو على جائزة رايت لايفليهود (المعروفة بجائزة نوبل البديلة) سنة 1987، تقديراً لشجاعته وتضحيته من أجل كشف الحقيقة حول الأسلحة النووية الإسرائيلية4. بين من يراه بطلاً ضحى بحريته من أجل السلام، ومن يعتبره خائناً لوطنه، يبقى فعنونو شخصية استثنائية صنعت الحدث وغيرت نظرة العالم إلى ما يدور في كواليس السياسة النووية الإسرائيلية.