يُعد أفيخاي أدرعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، ظاهرة فريدة في المشهد الإعلامي والسياسي في المنطقة. وُلد أدرعي في حيفا عام 1982 لعائلة ذات أصول عراقية وتركية، ويتقن العربية بطلاقة، ليس فقط من الناحية اللغوية بل أيضاً من حيث فهمه العميق للثقافة والذهنية العربية، ما جعله شخصية معروفة ومؤثرة في العالم العربي.
منذ تعيينه متحدثاً رسمياً باسم الجيش الإسرائيلي للعالم العربي عام 2006، أصبح أدرعي "صوت" و"وجه" الجيش الإسرائيلي بالنسبة لملايين العرب، خصوصاً في فلسطين ولبنان. رسائله المصورة وتصريحاته، التي يبثها بانتظام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتسم غالباً بالحدة والسخرية، وتستهدف بشكل مباشر خصوم إسرائيل، وعلى رأسهم حماس وحزب الله.
ما يثير الاستغراب لدى كثيرين هو إلمام أدرعي الدقيق بالنصوص الإسلامية وقدرته على توظيفها في خطابه الإعلامي، إذ يستشهد أحياناً بآيات قرآنية أو أحاديث نبوية، ويوظفها في سياق نقدي أو هجومي ضد خصومه، كما فعل مؤخراً حين وصف قادة حماس بأنهم "خوارج"، مستنداً إلى أحاديث نبوية حول "قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام"4. هذا الاستخدام المكثف للمرجعية الدينية الإسلامية في خطاب عسكري إسرائيلي يُعد أمراً غير مألوف، ويثير تساؤلات حول أهدافه الحقيقية: هل هو مجرد محاولة للتأثير النفسي والدعائي، أم أنه يعكس فهماً عميقاً لاستراتيجيات الحرب الإعلامية في المنطقة؟
أدرعي لا يكتفي بالخطاب الديني، بل يحرص أيضاً على مهاجمة حماس من زوايا اجتماعية وسياسية، متهماً قادتها بالعيش في رفاهية بينما يعاني سكان غزة من الفقر والحصار، ويصفهم بـ"تجار الدم" الذين يستغلون معاناة المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية. هذه الرسائل، التي تترافق أحياناً مع تحذيرات مسبقة من هجمات إسرائيلية، تهدف إلى بث الرعب والانقسام في صفوف المجتمعات المستهدفة.
في العالم العربي، يُنظر إلى أدرعي غالباً باعتباره "وجه الشؤم" أو "الغراب الأسود"، إذ تسبق تصريحاته عادةً عمليات عسكرية مدمرة، ويُتهم بمحاولة "اختراق الوعي العربي" والتأثير على الرأي العام لصالح إسرائيل. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن حضوره الإعلامي القوي، وإتقانه للغة والثقافة العربية، جعلاه رقماً صعباً في معادلة الحرب النفسية والإعلامية في الشرق الأوسط.