شهد العالم حدثاً تكنولوجياً استثنائياً في أبو ظبي. طائرة بدون طيار مزودة بالذكاء الاصطناعي في التفوق على أبطال العالم من الطيارين البشر في سباق دولي رسمي للمرة الأولى. هذا الإنجاز تم في إطار بطولة A2RL x DCL للطائرات بدون طيار ذاتية القيادة، والتي أقيمت في قاعة مارينا التابعة لـADNEC وسط أجواء تنافسية استقطبت 14 فريقاً من مختلف أنحاء العالم، بينها هولندا والإمارات وجنوب كوريا والمكسيك وكندا وتركيا والصين وغيرها.
تميز السباق بتحديات كبيرة. كان على كل فريق الاعتماد كلياً على الذكاء الاصطناعي في التحكم بطائراته، دون أي تدخل بشري أو أجهزة تحكم عن بعد. واجهت الطائرات الذكية مساراً معقداً داخل صالة مغلقة، مليء بالبوابات العريضة وإضاءة غير منتظمة وعلامات بصرية قليلة، مع سرعات تجاوزت 150 كيلومتراً في الساعة في بعض الأحيان. ومع ذلك، نجحت طائرة الفريق الهولندي من جامعة دلفت للتكنولوجيا (TU Delft) في إكمال دورتين في مسار طوله 170 متراً في 17 ثانية فقط. بذلك، تفوقت على أبطال عالميين سابقين في سباق الدوري العالمي للطائرات بدون طيار (DCL).
اللافت في هذا الإنجاز أن الطائرة الذكية اعتمدت فقط على كاميرا أمامية واحدة وجهاز استشعار للحركة. هذا جعل المنافسة عادلة مقارنة بالطيارين البشريين الذين يعتمدون على مجال رؤية محدود أيضاً. كما أن نظام الذكاء الاصطناعي كان قادراً على اتخاذ قرارات فائقة السرعة في ظل ضغوط زمنية وموارد حاسوبية محدودة. هذا يعكس تطوراً كبيراً في قدرات الذكاء الاصطناعي على التعامل مع بيئات حقيقية معقدة، وليس فقط في بيئات محاكاة أو مختبرات خاضعة للسيطرة.
أعرب قائد الفريق، كريستوف دي واغتر، عن فخره بالإنجاز، مشيراً إلى أن هذا النجاح يمثل تتويجاً لسنوات من البحث والتجارب في الطيران الذاتي. وأكد أن المعرفة المكتسبة من هذا الاختراق سيكون لها تطبيقات واسعة في الروبوتات الذكية، من السيارات ذاتية القيادة إلى الروبوتات البشرية.
هذا النصر لم يكن مجرد سباق، بل علامة فارقة في تاريخ الذكاء الاصطناعي. إذ أثبتت القدرة على التفوق على البشر في بيئة تنافسية حقيقية، وليس فقط في ألعاب افتراضية مثل الشطرنج أو "جو". وحتى قبل عامين، عندما نجح فريق من جامعة زيورخ في هزيمة أبطال بشر في سباق طائرات بدون طيار، كان ذلك في بيئة مختبرية خاضعة للسيطرة. بينما هذه المرة كانت المنافسة على أجهزة ومسار من تصميم المنظمين الدوليين، مما يضيف مصداقية أكبر للإنجاز.
يُتوقع أن يشكل هذا الإنجاز منصة انطلاق لتطبيقات روبوتية ذكية في مجالات متعددة، من نقل العينات الطبية في حالات الطوارئ إلى البحث عن ناجين في الكوارث الطبيعية، مروراً بالروبوتات المنزلية والسيارات ذاتية القيادة. حيث تعتبر كفاءة الذكاء الاصطناعي وموثوقيته من العوامل الأساسية لنجاح هذه التقنيات مستقبلاً.