في العديد من المناطق الريفية حول العالم، يواجه السكان صعوبات كبيرة في الوصول إلى المدارس والمراكز الصحية والأسواق بسبب غياب البنية التحتية الأساسية، وعلى رأسها الجسور. عندما تكون الأنهار والوديان غير مرئية على الخرائط الرسمية، تتفاقم هذه المشكلة، مما يجعل التخطيط لبناء الجسور أمراً صعباً. هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت منظمة Bridges to Prosperity أداة مبتكرة تحمل اسم WaterNet، تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط الأنهار والمجاري المائية غير الموثقة في المناطق النائية.
تعتمد WaterNet على صور الأقمار الصناعية وبيانات التضاريس المتاحة للعامة. بعد تدريب النظام على مناطق معروفة جيداً، تم تطبيقه على مناطق تفتقر للبيانات. بهذه الطريقة، تمكنت الأداة من اكتشاف ملايين الكيلومترات من الأنهار والجداول التي لم تكن موجودة على الخرائط من قبل، مما يساهم في تحسين حياة المجتمعات الريفية. أصبح من الممكن الآن تحديد المواقع الأكثر حاجة لبناء الجسور وتسهيل وصول السكان إلى الخدمات الأساسية.
WaterNet هي أداة مفتوحة المصدر، مما يميزها عن غيرها. هذا يسمح للمنظمات غير الحكومية والحكومات والباحثين بالاستفادة من بياناتها لتخطيط مشاريع البنية التحتية أو تعزيز جهود مواجهة التغير المناخي. بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير أداة مساعدة أخرى باسم Fika Map، تتيح تقدير الوقت الذي يستغرقه السكان للوصول إلى الخدمات مع وجود جسر أو بدونه، ما يساعد في تحديد الأولويات بشكل موضوعي وفعّال.
هذه المبادرة تبرز أيضاً مشكلة "عدم المساواة في البيانات"، حيث تظل المناطق الريفية غير ممثلة بشكل كافٍ على الخرائط الرقمية مقارنة بالمناطق الحضرية. هذا يؤدي إلى تهميشها عند توزيع الاستثمارات والمساعدات. من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لسد هذه الفجوة، تُمنح المجتمعات الريفية فرصة متكافئة للاستفادة من مشاريع التنمية.
رغم أن WaterNet صُممت لتكون خفيفة وقليلة التكلفة وموفرة للطاقة مقارنة بأنظمة الذكاء الاصطناعي الضخمة، يؤكد مطوروها على أهمية الدور البشري في التحقق من النتائج وتوجيه التكنولوجيا لخدمة المجتمعات، وليس فقط إنتاج بيانات رقمية.
باختصار، مشروع WaterNet هو مثال على كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق العدالة الاجتماعية وربط المجتمعات التي ظلت معزولة عن التنمية.